إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ، الآن الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ١.
فقوله: ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً﴾ فُهِمَ مضمونه مما قبله، وكذا قوله بعد التخفيف: ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ﴾ مفهوم من قوله قبله: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ وقد أشار بعض المفسرين إلى حكمة ذلك:
١- فقيل: إنه لزيادة التقرير المفيدة لزيادة الاطمئنان قال أبو السعود: "وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً﴾ مع إنفهام مضمونه مما قبله لكون كل منهما عِدَة بتأييد الواحد على العشرة لزيادة التقرير المفيدة لزيادة الاطمئنان على أنه قد يجري بين الجمعين القليلين ما لا يجري بين الجمعين الكثيرين مع أن التفاوت فيما بين كل من الجمعين القليلين والكثيرين على نسبة واحدة فبَيِّن أنَّ ذلك لا يتفاوت في الصورتين"٢.
٢- وقريب من هذا المعنى ما ذهب إليه محمد بن أبي بكر الرازي والزمخشري وأبو يحي الأنصاري حيث قال الأول: "فإن قيل: ما فائدة تكرار المعنى الواحد في مقاومة الجماعة لأكثر منها قبل التخفيف وبعده في قوله تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ إلى قوله: ﴿وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ قلنا: فائدته الدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة لا تتفاوت، بل كما ينصر الله تعالى العشرين على المائتين ينصر المائة على

١ سورة الأنفال: ٥ ٦- ٦٦.
٢ إرشاد العقل السليم: أبو السعود العمادي، ج٤ ص ٣٤.


الصفحة التالية
Icon