حين قالوا: ﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ، قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ﴾. فلم يثبتوا ذلك أو يدعو بل بينوا إنه مجرد التقليد ﴿قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ ١، ولعل الأصوب أن يقال: إن في هذا الأسلوب تنزيلا لهم منزلة من لا يفهم باعتبار عدم استجابتهم لنداء الحق.
ومن الأجوبة على ذلك قولهم: إنه إنما قال: ﴿غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ ليعلم أنه أراد أمواتا في الحال لا أنها ستموت كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ ٢ ٣.
* القسم الرابع: الأمر بالشيء والنهي عن نقيضه:
وذلك كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ ٤.
فالبيان يضاد الكتمان فلما أمر بالبيان كان الأمر به نهياً عن الكتمان، فما الفائدة في ذكر النهي عن الكتمان بعد الأمر بالبيان؟
ذكر العلماء وجوهاً لهذا، منها:
١- أن المراد من البيان: ذكر تلك الآيات الدالة على نبوة محمد ﷺ من التوراة والإنجيل، والمراد من النهي عن الكتمان أن لا يلقوا فيها التأويلات الفاسدة والشبهات المُعَطِّلة٥.
٢ سورة الزمر: الآية ٣٠.
٣ أسئلة الرازي وأجوبتها: ص ١٧٢.
٤ سورة آل عمران: من الآية ١٨٧.
٥ التفسير الكبير: الفخر الرازي ج٩ ص ١٣٠.