مجاز القرآن، المقدمة، ص : ١٢
(- ١٨٧) زمنا طويلا وكتب عنه «١»، وروى عن هشام بن عروة «٢»، ووكيع بن الجراح «٣» (- ١٩٧)، كما أخذ عن جماعة من فصحاء الأعراب وثقاتهم مثل أبى سوار الغنوي «٤»، وأبى محمد عبد اللّه بن سعيد الأموى «٥»، وأبى عمرو الهذلي «٦»، ومنتجع بن نبهان العدوى «٧»، وأبى منيع الكليبى «٨»، وكان يسأل رؤبة بن العجاج أحيانا، كما نجد ذلك فى مواضع متعددة من «المجاز» «٩».
منزلته العلمية
يقول الجاحظ :«لم يكن فى الأرض خارجى ولا جماعى أعلم بجميع العلوم من أبى عبيدة «١٠»»، وكان له إلى هذه السعة فى العلم نفاذ وعمق يتمثلان فى قولهم عنه :
«إنه كان ما يفتّش عن علم من العلوم إلا كان من يفتشه عنه يظن أنه لا يحسن غيره، ولا يقوم بشىء أجود من قيامه به «١١»».

__
(١) ابن خلكان ١/ ٦٢٠.
(٢) تاريخ بغداد ١٣/ ٢٥٢.
(٣) كتاب الخيل لأبى عبيدة ص ٤.
(٤) الفهرست ص ٤٥.
(٥) الزبيدي ص ١٢٤.
(٦) مجاز القرآن فى مواضع متعددة.
(٧) مجاز القرآن ١/ ٤٠٠ النقائض ٤٨٧.
(٨) النقائض ٣٠.
(٩) وانظر الجمهرة ٣/ ٣٥، الإتقان ١/ ١٩٦. [.....]
(١٠) البيان والتبيين ١/ ٣٣١، وانظر.. ١/ ١٩٦.
(١١) الإرشاد ١٩/ ١٥٥.

مجاز القرآن، ج ١، ص : ١٠
وَ السَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما»
(٥/ ٤١)، فى موضع يديهما.
ومن مجاز ما جاء لا جماع له من لفظه فلفظ الواحد منه ولفظ الجميع سواء، قال :
«حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ» (١٠/ ٢٢)، الفلك جميع وواحد، وقال :«وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ» (٢١/ ٨٢)، جميع وواحد، وقال :«فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» (٦٩/ ٤٧) جميع وواحد.
ومن مجاز ما جاء من لفظ خبر الجميع المشرك بالواحد الفرد على لفظ خبر الواحد، قال اللّه :«أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما» (٢١/ ٣٠) جاء فعل السموات على تقدير لفظ الواحد لما أشركن بالأرض.
ومن مجاز ما جاء من لفظ الإثنين، ثم جاء لفظ خبرهما على لفظ خبر الجميع، قال :«ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (٤١/ ١١).
ومن مجاز ما ختر عن اثنين مشركين أو عن أكثر من ذلك فجعل لفظ الخبر لبعض دون بعض وكفّ عن خبر الباقي، قال :«وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (٩/ ٣٥) ومن مجاز ما جعل فى هذا الباب الخبر للأول منهما أو منهم قال :«وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها» (٦٢/ ١١).
ومن مجاز ما جعل فى هذا الباب الخبر للآخر منهما أو منهم، قال :«وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً»
(٤/ ١١١).
ومن مجاز ما جاء من لفظ خبر الحيوان والموات على لفظ خبر الناس قال :
«رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» (١٢/ ٤)، وقال :
«قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (٤١/ ١١)، وقال للأصنام :«لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ»


الصفحة التالية
Icon