مجاز القرآن، ج ١، ص : ٦٥
«لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ» (١٧٧)، «١» فالعرب تجعل المصادر صفات، فمجاز البرّ هاهنا :
مجاز صفة ل «مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ»، وفى الكلام : ولكن البارّ من آمن باللّه، قال النابغة :
و قد خفت حتى ما تزيد مخافتى على وعلى فى ذى القفارة عاقل «٢»
«وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ» (١٧٧) رفعت على موالاة قوله :«وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ» وفى وفعل «وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ»، ثم أخرجوا «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ» (١٧٧) من الأسماء المرفوعة، والعرب تفعل ذلك إذا كثر الكلام سمعت من ينشد بيت خرنق بنت هفّان من بنى سعد بن ضبيعة، رهط الأعشى :
لا يبعدن قومى الذين هم سمّ العداة وآفة الجزر «٣»
(١) «ليس... البار» : قال القرطبي (٢/ ٢٣٩) : ويجوز أن يكون البر بمعنى المبار، والبرّ، والفاعل قد يسمى بمعنى المصدر، كما يقال : رجل عدل وصوم، وفطر وفى التنزيل :«إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً» (٦٧/ ٣٠) أي غائرا وهذا اختيار أبى عبيدة. وقال المبرد : لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت «و لكن البر» بفتح الباء.
(٢) ديوانه من الستة ٢٢- وأمالى المرتضى ١/ ١٥٥، والإنصاف لابن الأنبارى ١٦٤، والسمط ٤٦٥، ومعجم البلدان ٤/ ٥٦١ فى مادة «مطارة».
(٣) خرنق : بنت بدر بن هفان بن تميم بن قيس بن ثعلبة بن عكابة، كانت شاعرة جاهلية. أنظر ترجمتها فى مقدمة ديوانها ص ٣، ٨، والسمط ٧٨٠، والعيني ٣/ ٦٠٣، والخزانة ٢/ ٣٠٧.- والبيتان : قد اختلفوا فى قائلهما قديما، فهما فى ديوان خرنق ص ١٠ ونسبهما أبو عبيدة إليها (حسبما ذكر فى الخزانة ٢/ ١٠٧) وأبو زيد فى النوادر ١٠٨ إلى حاتم، وهما فى الكتاب ١/ ٨٤، ٢١٠، ٢١٣، وتهذيب الألفاظ ٥٥٨، والكامل ٤٥٢، ومنتخب كنايات الجرجاني ١١، وأمالى المرتضى ١/ ١٤٦ والسمط ٥٤٨، والشنتمرى ١/ ١٠٤، ٢٤٦، ٢٤٩، والقرطبي ٦/ ١٤، والعيني ٣/ ٦٠٢.