ج ١، ص : ٢٠٧
المفردات :
مُحْكَماتٌ : ظاهرات الدلالة لا خلاف في معناها. مُتَشابِهاتٌ يقال :
اشتبه الأمر عليه : التبس، فالمتشابهات التي لم يظهر معناها ويتضح بل خالف ظاهر اللفظ المعنى المراد، وقيل : ما استأثر اللّه بعلمه. زَيْغٌ : ميل عن الحق. تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ : معرفة حقيقية وبيان ما يؤول إليه في الواقع. الرَّاسِخُونَ : الثابتون في العلم المتأكدون منه.
المعنى :
كان النصارى يستدلون ببعض آيات القرآن التي يفيد ظاهرها تميّز عيسى على غيره من البشر كقوله في شأن عيسى : إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [سورة النساء آية ١٧١]، على أنه ثالث ثلاثة أو هو الإله أو ابنه... إلخ فيرد اللّه عليهم : إن القرآن الذي أنزل على محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بعض آياته محكمات واضحات ظاهرات لا خلاف بين ظاهر اللفظ والمعنى المراد منها كقوله - تعالى - مثلا : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [سورة الإسراء آية ٢٣]. وكقوله في شأن عيسى : إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ [سورة الزخرف الآية ٥٩] وكآيات الأحكام مثل : قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [سورة الأنعام آية ١٥١]، وهكذا المحكم كل ما لا يحتمل من التأويل المعتد به إلا وجها واحدا.
وهنّ - أى : المحكمات - أمّ الكتاب وعماده ومعظمه وأصله الذي دعى الناس إليه ويمكنهم فهمه، وعنها يتفرع غيرها ويحمل عليها، وهي أكثر ما في القرآن. فإن اشتبه علينا من الآيات آية ردت إلى المحكم وحملت عليه، مثلا قوله تعالى : وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء ١٧١] ترد وتحمل على قوله : إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ [الزخرف ٥٩] وقوله : إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران ٥٩] بمعنى أننا نؤمن بأن الكل من عند اللّه وأنه لا ينافي الأصل المحكم.
وأما الآيات المتشابهات كقوله - تعالى - في عيسى : وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [النساء ١٧١]. وكقوله : مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران ٥٥] في شأن عيسى.
وكقوله - تعالى : الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه ٥] يَدُ اللَّهِ فَوْقَ