ج ١، ص : ٣٤٠
ولا تأخذوها وتأكلوها عن طريق الإسراف والتبذير، فإن طبيعة النفس التبذير في مال الغير، ولا تأكلوها مسرعين قبل أن يصل اليتيم إلى مرحلة البلوغ والإدراك السليم.
أما الأكل من غير إسراف ولا تبذير وبلا إسراع ومبادرة فحكمه أن من كان غنيا فليطلب العفة ويحمل نفسه عليها حتى يتعود ذلك، وفي هذا إشارة إلى أن طبيعة النفوس ميالة إلى الاعتداء على حق الغير وإن كان صغيرا ضعيفا.
ومن كان فقيرا محتاجا فليأكل بالمعروف شرعا وعرفا بلا إسراف وتبذير حتى قال بعضهم : إن الولي ليس له أن يأكل إلا قرضا أو بأجر المثل.
والحكمة في ذلك أن اليتيم الصغير من الخير له أن يخالط الولي ويأكل مع أولاده حتى يتسنى للولي أن يشرف عليه إشرافا فعليا، فإن كان الولي غنيا كانت المخالطة لمصلحة اليتيم، وإن كان فقيرا فالواجب عليه أن يأكل بالمعروف من كسب المال وثمرته، وليس له أن يجمع من مال اليتيم شيئا خاصا به.
فإذا اختبرتم اليتيم أو السفيه وتبينتم صلاحيته لإدارة المال فادفعوه إليه بحضور الشهود قطعا للنزاع، واللّه شهيد عليكم ورقيب فراقبوه فإنه لا تخفى عليه خافية في الأرض والسماء.
تشريع حقوق اليتامى والنساء [سورة النساء (٤) : الآيات ٧ الى ١٠]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠)