ج ١، ص : ٣٦٣
كفارات لكم ولسيئاتكم، فيتوب عليكم، ويكفر عنكم إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ « ١ » واللّه عليهم بكل قصد، حكيم في كل عمل وقانون يسنه لعباده.
واللّه يريد أن يتوب عليكم بما كلفكم به من الأعمال التي تطهركم وتزكى نفوسكم فيتوب عليكم بعد هذا، ويريد الذين يتبعون الشهوات ويجرون وراءها - فكأنها أمرتهم باتباعها فامتثلوا أمرها - أن تميلوا معهم حيث مالوا ميلا عظيما، فإن مرتكب الإثم يهمه جدا أن يشاركه غيره فيه إرضاء لنفسه واطمئنانا لها.
يريد اللّه بهذه الأحكام التخفيف عليكم، حيث أحل لكم نكاح الأمة للضرورة، وحرم عليكم نكاح هذه المحرمات السابقة، وخلق الإنسان ضعيفا عن مقاومة الشهوات والوقوف أمام تيارات النساء فإنهن حبائل الشيطان. ولهذا نهانا عن الجلوس مع غير المحارم والحديث معهن لغير ضرورة، ونهى النساء عن كشف عوراتهن وتبرجهن وعن إبداء زينتهن.
أخرج البيهقي عن ابن عباس - رضى اللّه عنهما - ثماني آيات نزلت في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت، وعد هذه الآيات الثلاث (٢٦ و٢٧ و٢٨) والرابعة إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ. والخامسة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ. والسادسة وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً
. والسابعة إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ.
والثامنة وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ « ٢ ».
حدود ومعالم [سورة النساء (٤) : الآيات ٢٩ الى ٣٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١) وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (٣٢) وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً (٣٣)

_
(١) سورة هود آية ١١٤.
(٢) وهي على التوالي الآيات : ٣١، ٤٠، ١١٠، ١١٦، ١٥٢. [.....]


الصفحة التالية
Icon