ج ١، ص : ٣٦٨
وحثهم جميعا على العمل بالإشارة في قوله اكْتَسَبُوا الذي يفيد المبالغة والتكلف في العمل والكسب.
وانظر إلى قوله تعالى : بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ إذ فيه إيجاز بديع، فالآية تشمل كل تفضيل واقع بين الرجال والنساء وبين النساء والرجال، أفرادا وجماعات.
وهذا التفضيل يشمل الخلقي، ويشمل التفاضل فيما يدخل فيه العمل والاجتهاد كالعلم وتحصيل المال أو الجاه مثلا، وهذا هو المقصود بالنهى في الآية. ومن السخف أن يتمنى الإنسان أن يكون قوى البنية أو صحيح الجسم أو ذكرا أو أنثى.
والخلاصة : إننا نهينا عن التمني مع الكسل والخمول ولا يتمنى هذا إلا ضعيف الهمة وضعيف الإيمان، ولا شك أن هذا يجر إلى التعدي على الغير والحسد والحقد... إلخ. وينبهنا اللّه بقوله : لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا إلى الكسب والعمل. وفقنا اللّه إلى ما فيه الخير والسداد.
بعد أن نهى اللّه - سبحانه وتعالى - عن أكل أموال الناس بالباطل وعن تمنى ما للغير من مال أو جاه، والمال هو المقصود ويأتى عن طريق الكسب وعن الإرث، قال اللّه - تعالى - قطعا للأطماع ووضعا للأمور في نصابها :(و لكل) من الرجال والنساء (جعلنا موالي مما ترك) يحق لهم الاستيلاء على التركة وأخذها.
والمولى : هم (الوالدان والأقربون) والأزواج، فآتوهم نصيبهم كاملا من غير نقصان، واعلموا أن اللّه كان ولا يزال على كل شيء تفعلونه شهيدا فيجازيكم عليه يوم القيامة، فلا يحملنكم الطمع وحسد بعضكم لبعض من جراء زيادة نصيبه في الميراث على أن يأكل من حق غيره سواء كان ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا.


الصفحة التالية
Icon