ج ١، ص : ٣٧٥
عذابا يهينهم ويذلهم، وقد سماهم اللّه كفارا للإشارة إلى أن من هذا شأنه فهو كافر بنعمة اللّه، ومن كان كافرا بنعمة اللّه فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء.
والذين ينفقون أموالهم للرياء والسمعة، لا شكرا للّه على النعمة، ولا اعترافا لعباده بحق والمرائى أقل خطرا من البخيل ولذا أخر في الذكر. وهم لا يؤمنون باللّه حقا - لأن المؤمن الكامل لا ينفق رياء بل للّه - ولا يؤمنون باليوم الآخر. إذ هم لو كانوا كذلك ما راءوا أحدا بل يعملون لهذا اليوم وهؤلاء هم قرناء الشيطان يوحى إليهم ويعدهم بالفقر لو أنفقوا، ويأمرهم بالفحشاء والمنكر، ومن يكن الشيطان له قرينا فبئس هذا القرين.
أى ضرر كان يلحقهم لو آمنوا حقيقة باللّه وعملوا لليوم الآخر الذي فيه الجزاء وآمنوا به، وأنفقوا مما رزقهم اللّه ابتغاء رضوانه وامتثالا لأمره ؟ وهذا الأسلوب للتعجب من حالهم إذ هم لو أخلصوا العمل لما فاتهم ما يطلبون من منافع الدنيا والآخرة، فحالهم حقيقة جدير بالعجاب.
وكان اللّه بهم عليما وخبيرا وسيجازيهم على أعمالهم، فعلى المؤمن أن يعتقد أن اللّه يراه ويحاسبه على عمله فإنه إن لم يكن يرى اللّه فاللّه يراه.
ترغيب وتحذير [سورة النساء (٤) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (٤٠) فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (٤٢)