ج ١، ص : ٣٨٩
المفردات :
الْأَماناتِ : جمع أمانة، وهي : ما يؤتمن عليها الشخص وتعم جميع الحقوق المتعلقة بذمته من حقوق للّه أو للناس أو لنفسه. بِالْعَدْلِ : التساوي في الشيء والمراد به إيصال الحقوق إلى أربابها من أقرب الطرق. تَأْوِيلًا التأويل : بيان المآل والعاقبة.
سبب النزول :
روى أنها نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الدار، وكان سادان الكعبة وذلك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان بن طلحة الكعبة وصعد إلى السطح، وأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال : لو علمت أنك رسول اللّه لم أمنعه، فأخذه علي بن أبى طالب بالقوة، وفتح الباب ودخل رسول اللّه وصلّى ركعتين، فلما خرج سأله عمه العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت، فأمر النبي عليًّا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه
... هذا ما روى في سبب النزول : ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى ذلك فهو أمر عام لكل مسلم في كل أمانة في ذمته أو تحت يده، سواء كانت عامة للأمة أو خاصة للفرد.
وهذا رد على اليهود - الذين قالوا للكفار : أنتم أهدى من المؤمنين سبيلا - ببيان أسس الحكومة الإسلامية الصحيحة الموافقة للقرآن الكريم.
المعنى :
الأمانة كلمة عامة جامعة تشمل أمانة العبد مع ربه، بمعنى أن اللّه عاهده على الامتثال للأوامر واجتناب النواهي. وأمانته مع الناس بأن يرد ودائعهم ويحفظ حقوقهم، وغيبتهم، وسرهم، ولا يغشهم، ويطيع اللّه فيهم، وإن كان حاكما فالشعب أمانة في عنقه واجب عليه أن يحكم فيهم بما أنزل اللّه، وأن يتقى اللّه فيهم بامتثال أمره والاهتداء بسنة المصطفى فلا يسند أمرا لغير أهله ولا يضيع حقا، ولا يغش مسلما، ولا يقبل رشوة، ولا يأكل أموال الناس بالباطل، ولا يدخر وسعا في السهر على المصلحة، والإرعاء على الخلق، وأن يعامل غيره بما يجب أن يعامله به لو كان محكوما.