ج ١، ص : ٤٠
٥ - واذكروا وقت قول موسى لقومه الذين عبدوا العجل في مدة صومه وغيابه وهي أربعون يوما :
يا قوم إنكم باتخاذكم العجل إلها ظلمتم أنفسكم وأى ظلم بعد الإشراك باللّه ؟ فتوبوا إلى اللّه وارجعوا ذلكم خير لكم وأحسن عند بارئكم.
وكانت التوبة في شريعتهم أن يقتل البريء منهم المذنب.
وقد أرسل اللّه - سبحانه - سوداء حتى لا يرى بعضهم بعضا عند القتل فيرحمه وقد قتل منهم سبعون ألفا، وبعد ذلك تضرع موسى وهارون إلى اللّه فتاب عليكم إذ قبل توبة من قتل ومن لم يقتل، ولا غرابة في ذلك فاللّه هو التواب الرحيم بعباده.
واذكروا وقت أن قال آباؤكم لموسى : لن نؤمن باللّه وأنك رسوله حتى نرى اللّه عيانا بلا حاجز، فأخذهم ربكم بعذابه فماتوا ومكثوا يوما وليلة والحي ينظر إلى الميت.
٦ - ثم أحييناهم ليستوفوا آجالهم المقدرة لهم، كل ذلك لكي تشكروا - أيها اليهود المعاصرون - اللّه على ما أنعم به، وتعتبروا وتعتقدوا أن اللّه قادر على كل شيء، وشكر اللّه المطلوب منكم هو الإيمان باللّه وكتبه وبمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم الذي أخبر عن هذا كله.
٧ -
روى أن موسى كلف من اللّه بأن يرحل ببني إسرائيل لقتال قوم جبارين فخرج معهم فلما وصلوا إلى وادي التيه بين الشام ومصر ومكثوا فيه أربعين سنة حيارى تائهين فكان اللّه يظلهم بسحاب رقيق يقيهم حر الشمس.
٨ - وكان ينزل عليهم الطعام مكونا من حلوى وطير مطهوّ وكان طعاما يقيهم غائلة الجوع، ولا علينا بعد ذلك بحث في أنه من أى نوع أو على أى شكل، ثم قيل لهم :
كلوا من هذه الطيبات ولا تدخروا شيئا منها، واشكروا اللّه، فلم يفعلوا شيئا مما أمروا به، وعصيانهم وكفرهم بهذه النعم لا يضيرنا، وما ظلمونا به ولكنهم ضروا أنفسهم حيث قطع اللّه عنهم هذه النعم وجزاهم على مخالفتهم، أنهم كانوا لأنفسهم ظالمين.
٩ - واذكروا - أيضا - إذ قلنا لآبائكم : ادخلوا القرية المعلومة لكم فاسكنوا فيها وكلوا واشربوا أكلا واسعا لا حرج فيه وادخلوا الباب خاضعين مبتهلين إلى اللّه وحده وقولوا : يا ربنا دعاؤنا أن تحط عنا ذنوبنا وتغفر لنا سيئاتنا وسنزيد المحسنين منكم أكثر من هذا.


الصفحة التالية
Icon