ج ١، ص : ٤٠٢
وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً

« ١ » وهو بهذا المعنى يخبر عن المولى - عز وجل - ويبلغ ما أوحى إليه، فالآمر والناهي هو اللّه، والرسول مبلغ فليست الطاعة له بالذات إنما هي لمن بلغ عنه وهو اللّه - عز وجل - فمن يطع الرسول فقد أطاع اللّه والرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في أوامر الشريعة وفيما يتعلق بالقرآن وأحكام الدين وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى [سورة النجم الآيات ٣ - ٥].
أما أمور الدنيا وما يقوله باجتهاده ورأيه في غير الشرع فقد كان الصحابة يسألون النبي عنه : أوحى يا رسول اللّه أم رأى ؟ فإن كان وحيا أطاعوا بلا تردد ولا نظر وإن كان رأيا أشاروا، وقد يرجع الرسول إلى رأيهم كما حصل في غزوة بدر وأحد.
ومن تولى وأعرض عن طاعتك فلا تحزن عليهم إن عليك إلا البلاغ ولست عليهم بمسيطر، وهؤلاء الذين يخشون الناس كخشية اللّه أو أشد يقولون إذا أمرهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بأمر : أمرك طاعة، أى : مطاع نفاقا وانقيادا للنبي ظاهرا فقط.
فإذا خرجوا من المكان الذي يكونون معك فيه منصرفين إلى بيوتهم دبر جماعة منهم في الليل رأيا غير الذي قالوه لك، واللّه يكتب ما يبيتونه ويطلعك عليه في كتابه المنزل فلا يهمنك أمرهم فإنا مجازوهم، وأعرض عنهم، وتوكل على اللّه فإن اللّه كافيك شرهم ومنتقم منهم، وكفى باللّه وكيلا.
القرآن من عند اللّه [سورة النساء (٤) : آية ٨٢]
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)
المفردات :
يَتَدَبَّرُونَ التدبر : التأمل في أدبار الأمور وعواقبها، وتدبر القرآن : النظر والتفكير في غاياته ومقاصده التي يرمى إليها.
_
(١) سورة النساء آية ٧٩.


الصفحة التالية
Icon