ج ١، ص : ٤١٦
الإنفاق في سبيل اللّه، والقاعدون بأنفسهم حرصا على الراحة والنعيم، نعم لا يستوي هؤلاء مع المجاهدين في سبيل اللّه.
ولكن القعود عن الجهاد يكون مذموما حيث لا عذر يمنع منه، فإن كان هناك عذر شرعي فلا لوم ولا عتاب، بل
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند دخوله المدينة بعد غزوة تبوك :
« إن في المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه. قالوا :
يا رسول اللّه : وهم بالمدينة ؟ قال : نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر »
.
فضل اللّه المجاهدين في سبيل اللّه بالنفس والنفيس على القاعدين بعذر درجة وفضلا واللّه أعلم به، وإن كان قد وعد كلا الجنة والمثوبة الحسنى.
أما القاعدون بغير عذر. فقد فضل اللّه عليهم المجاهدين أجرا عظيما، ودرجات كثيرة ومغفرة من اللّه كبيرة، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة، أى :
جوع في سبيل اللّه ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار، ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح، ورحمة من اللّه ورضوان فوق هذا وذاك، ولا غرابة فاللّه غفور لمن يستحق المغفرة رحيم بمن يتعرض لنفحات الرحمة.
المهاجرون في سبيل اللّه والمتخلفون عنها [سورة النساء (٤) : الآيات ٩٧ الى ١٠٠]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠)


الصفحة التالية
Icon