ج ١، ص : ٤٢٢
ولصلاة الخوف أحكام كثيرة في كتب الفقه وصفات الصلاة كلها تدور حول الآية وتختلف باختلاف ما إذا كان العدو في جهة القبلة أو غيرها.
والحكمة العامة في الأمر بأخذ الحذر والسلاح حتى في الصلاة، أن الكفار يودون من صميم قلوبهم أن تغفلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم ولو بانشغالكم في الصلاة، فينقضون عليكم ويميلون عليكم ميلة واحدة بالقتل والنهب ولكن اللّه يريد لكم النصر والغلبة، فيأمركم بالاستعداد والحذر.
ولا جناح عليكم إذا كان بكم أذى كمطر أو مرض أو عذر أن تضعوا أسلحتكم مع أخذ الحذر والاستعداد للعدو، ولتعلموا أن النصر لكم ما نصرتموه. وأن اللّه يدافع عنكم إذا دافعتم عن قرآنه ودينه، وأنه أعد للكافرين عذابا شديد الإهانة في الدنيا والآخرة.
وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يوم ذات الرقاع ما معناه أنه صلّى بطائفة ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم الركعة الثانية وسلموا وانصرفوا تجاه العدو، وجاءت الطائفة الثانية فصلى بهم الركعة الثانية التي بقيت لهم ثم أتموا فسلم بهم.
وقال بهذه الصلاة أكابر الصحابة ومالك والشافعى رضى اللّه عنهم جميعا.
فإذا أديتم الصلاة - أى : صلاة الخوف - فاذكروا اللّه في أنفسكم بتذكر نعمه، وبألسنتكم بالحمد والتكبير والدعاء في أى حال تكونون من قيام وقعود واضطجاع.
وإذا كنا مأمورين بالذكر في الحرب على كل حال ولا عذر في تركه!! فما بالنا في السلم، فإذا اطمأننتم بانتهاء الحرب أو الحلول في دار الإقامة بعد السفر فأقيموا الصلاة كالمعتاد تامة الأركان والشروط، إن الصلاة عماد الدين قد فرضها اللّه فرضا ثابتا كالكتابة في اللوح، موقوتا بأوقات معلومة، فلا يصح أن يترك وقتها أبدا حتى في الحرب وساعة الخوف فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [سورة البقرة آية ٢٣٩].
وإتمام صلاة الخوف بالجماعة يدل على أن الجماعة مطلوبة في أشد الأحوال.


الصفحة التالية
Icon