ج ١، ص : ٤٢٧
إثما ويرتكب جرما ظنّا منه أنه كسب لنفسه شيئا فإنما مكسبه وبال وضرر عليه لا يتعداه إلى غيره، فليبق على نفسه من كسب السوء، وليعلم أن اللّه عليم به، وحكيم في وضعه العقاب الصارم للمذنب.
ومن يكسب ذنبا خطأ بلا قصد أو ذنبا آثما فيه وقاصدا له ثم يجنى جناية أخرى بأن يرمى به شخصا بريئا لا ذنب له مهما كان دينه وجنسه ولونه، فقد احتمل بشدة وألم بهتانا حيث كذب على اللّه في ادعائه البراءة واتهامه البريء الذي يبهت ويتحير عند سماعه هذا الاتهام، وقد احتمل إثما في ارتكاب الذنب.
فانظر يا أخى كيف ينشد الإسلام العدالة حيثما كانت ويطبقها على المسلم وغيره!! ولو لا فضل اللّه عليك يا محمد أنت وأمتك ورحمته بك وأنه عصمك من الوقوع في الخطأ العملي والقولى، ويمنع عنك أذى الأشرار الذين يحاولون إضلالك وتلبيس الحق بالباطل وإخفائه عليك، لهمت طائفة منهم أن يضلوك، فإن الإنسان مهما كان إذا أحيط بجماعة كهؤلاء يحتاج إلى بحث وفكر حتى يميز حقهم من باطلهم، ويكشف حيلهم ويرد كيدهم، ومن ثم تفضل اللّه بزحزحة الأشرار عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وصرف كيدهم عنه حتى يسير على طريق اللّه وهدى القرآن والنور الذي أنزل عليه كاشفا له الحقائق ليكون حكمه سليما عادلا.
والواقع أنهم بهذا لا يضلون إلا أنفسهم، إذ الوزر عليهم فقط، وما يضرونك أبدا وقد عصمك اللّه من كل مكروه وأنزل عليك القرآن، والحكمة - وهي فقه مقاصد الدين وأسراره - وعلمك ما لم تكن تعلم قبل ذلك، ولا غرابة ففضل اللّه عليك عظيم إذ أرسلك للناس كافة وجعلك خاتم الأنبياء، وشهيدا عليهم يوم القيامة، وعصمك من الناس، وجعل أمتك وسطا، وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها.


الصفحة التالية
Icon