ج ١، ص : ٤٩٨
وأن عيسى خلق على غير السنن المألوف، وقد عمل أعمالا غريبة لم تصدر عن عامة البشر.
ولذلك رد اللّه عليهم هذا بقوله : يَخْلُقُ ما يَشاءُ فهو مالك الملك، وصاحب الأمر في السماوات والأرضين يخلق ما يشاء على حسب حكمته وإرادته فقد خلق أبانا آدم بلا أب ولا أم، وحواء بدون أم، وعيسى بلا أب وأصول الحيوانات جميعا من مادة لا توصف بذكورة ولا أنوثة.
ولقد أرسل رسله مبشرين ومنذرين، وأيدهم بروح من عنده وأجرى على أيديهم المعجزات المناسبة لزمانهم، فهذا موسى وعصاه السحرية لأن السحر كان أبرز علم عندهم، وهذا عيسى وإبراؤه الأكمه والأبرص وإحياؤه الميت لأن الطب كان أبرز شيء عند قومه، وهذا خاتم النبيين محمد صلّى اللّه عليه وسلّم كانت معجزته القرآن لأنه بعث في العرب المعتزين بالفصاحة وكانت رسالته خاتم الرسالات فكان قرآنه باقيا كاملا في كل شيء، هذا القرآن الذي وقف وحده آلاف السنين يرد هجمات أعدائه على كثرتهم.
فلا يغرنكم أيها المسيحيون إحياء عيسى للميت.
أخوك عيسى دعا ميتا فقام له وأنت أحييت أجيالا من العدم
ولا غرابة في ذلك فاللّه يخلق ما يشاء وهو على كل شيء قدير.
وإذا كان عيسى إلها فمن كان الإله قبله ؟ وعلى أى وضع كان ؟
وسيأتى مزيد من الرد على ألوهية عيسى ابن مريم قريبا.
روى أن اليهود تكلموا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فدعاهم إلى التوحيد وحذرهم من عذاب يوم القيامة، فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ؟ ونحن أبناء اللّه وأحباؤه!! وقد قالت النصارى ذلك فنزلت هذه الآية.
والمعنى : قالت اليهود كما قالت النصارى : نحن أبناء اللّه وأحباؤه!! فاللّه يعاملنا معاملة الأب لأبنائه يعطف علينا ويرحمنا، وبعض النصارى بالغوا في ذلك فقالوا :
عيسى ابن اللّه حقيقة ونحن أبناء مجازا.
وقد رد اللّه عليهم بقوله : قل لهم يا محمد : إذا كان الأمر كذلك!! فلم يعذبكم