ج ١، ص : ٥٠٧
المفردات :
يُحارِبُونَ الحرب : ضد السلم والأمن على النفس والمال. فَساداً الفساد : ضد الصلاح، وكل من أخرج شيئا عن وضعه الصالح له يقال : إنه أفسده.
يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ : ينقلوا من البلد أو القطر الذي أفسدوا فيه إلى غيره، وقيل :
المراد يسجنوا.
سبب النزول :
روى البخاري ومسلم عن أنس أن ناسا من عكل وعرينة قدموا على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وتكلموا بالإسلام، فاستوخموا المدينة - وجدوها رديئة المناخ - فأمر لهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بزود من الإبل - الزود من ثلاثة إلى تسعة - وراع وأمرهم أن يخرجوا إلى الصحراء فيشربوا من « أبوالها وألبانها » فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرة كفروا بعد إسلام، وقتلوا الرعي
، وفي رواية، مثّلوا به، واستاقوا الزود من الإبل. فبلغ ذلك الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم فبعث في طلبهم فأتوا بهم فسملوا أعينهم (كحلوها بمسامير الحديد المحماة) وقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركوا حتى ماتوا، فنزلت الآية.
والظاهر - واللّه أعلم - أن هذه الآية عامة لكل من يفعل هذا العمل الشنيع في دار الإسلام سواء كان مسلما أو غيره.
واللّه تعالى أنزل هذه الآية بهذا التشديد في العقاب لسد ذريعة هذه المفسدة، وهي إزالة الأمن من بين ربوع الدولة، واضطراب الناس فيها، ومع هذا حرم المثلة وتشويه الأعضاء.
المعنى :
لا جزاء للذين يحاربون اللّه ورسوله، ويسعون في الأرض فسادا، إلا ما ذكره اللّه من التقتيل أو الصلب أو تقطيع الأيدى والأرجل من خلاف، أو النفي من الأرض.
ومحاربة اللّه ورسوله تكون بالاعتداء على شرعة الأمان والسلم والحق والعدل


الصفحة التالية
Icon