ج ١، ص : ٥١٠
المحرم، والتزامها الصراط المستقيم، وجاهدوا أعداء الإسلام حتى يكون الدين كله للّه، وجاهدوا في سبيل الحق والحرية والخير للأمة والوطن. فكل هذا جهاد في سبيل اللّه.
واتقوا اللّه وابتغوا إليه القربى بالطاعة واجتناب المنهيات، واحتملوا الجهد والمشقة في سبيل اللّه، كل ذلك رجاء الفوز والفلاح في المعاش والمعاد. واعلم أن لفظ التوسل جاء بثلاث معان : القربى إلى اللّه بالطاعة كما مر،
دعاء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وشفاعته كما ثبت عن عمر - رضى اللّه عنه - :« اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا »
فكان يدعو العباس وهم يؤمّنون عليه، ترى أنها الدعاء والشفاعة، وكانت في حياة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أما بعد موته فبدعاء أقرب الناس إليه كعمه العباس، ويوم القيامة تكون بشفاعته.
أما المعنى الثالث فهو : الوسيلة، أى : التوسل بالإقسام على اللّه بالصالحين والأولياء المقربين، وهذا لم يرد به نص صحيح، بل قال أبو حنيفة وأصحابه : إنه لا يجوز.
والتوسل بهذا المعنى ينكره العقل، ويأباه الشرع ولا دليل عليه في هذه الآية ولا في غيرها.
إن الذين كفروا باللّه، وجحدوا آياته، وكذبوا رسله لو فرض أن لهم ملء ما في الأرض ذهبا بل وضعفه ليفتدوا به أنفسهم من عقاب اللّه وعذابه، على كفرهم وعنادهم، فافتدوا به ما تقبل اللّه منهم ذلك، فداء وعوضا، بل هم معذبون عذابا دائما وهذا تمثيل لحالهم يوم القيامة.
يود الواحد منهم لو يفتدى نفسه من عذاب يومئذ ببنيه، ولكن هيهات له ذلك! يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها، ولهم عذاب مقيم دائم. فانظر يا أخى في أساس الفلاح في الإسلام، وأنه محصور في التقوى والطاعة لا في شفاعة ولا في غيرها.


الصفحة التالية
Icon