ج ١، ص : ٥٣٥
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ
[سورة الرعد آية ٢٦]، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ [سورة الشورى آية ٢٧].
وتاللّه ليزيدن الذي ينزل عليك من الآيات البينات التي تكشف سترهم وتطلعك على أعمالهم ونواياهم، ليزيدنهم ذلك طغيانا وظلما وجحودا وبطرا، يا سبحان اللّه! إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ما كان سببا في الخير يكون عندهم سببا في الشر! ولقد حكم عليهم بأن ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، فلا يهمنك أمرهم، ولا تغتر باتفاقهم في فلسطين المنكودة، فهي سحابة صيف لهم، وتنبيه من اللّه لنا علّنا نثوب إلى رشدنا ونرجع إلى ديننا.
وكلما أوقدوا نارا للحرب في الخارج أو الداخل كإثارة الفتن وتشتيت الكلمة وتأليب العدو، كلما فعلوا هذا أطفأ اللّه نارهم، وأبطل عملهم، وهم دائما يسعون في الأرض فسادا، واللّه لا يحب المفسدين وسيجازيهم على ذلك بأقسى أنواع العقاب.
وفي كتب التاريخ القديم والحديث ما يشهد على هذا! ثم بعد هذا وسعت رحمته كل شيء وفتح باب كرمه للتائبين الذين يقبلون عليه ولو كانوا من أهل الكتاب أو غيرهم.
ولو أن أهل الكتاب آمنوا بكتبهم وبالقرآن ولم يحرفوا ولم يركبوا رءوسهم واتقوا اللّه في كل أعمالهم لكفرنا عنهم سيئاتهم التي اقترفوها ومحونا عنهم أوزارها ولأدخلناهم جنات النعيم.
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل المنزلين من عند اللّه بنور التوحيد والهداية ولم يسمعوا لأحبارهم ومفترياتهم، وآمنوا بما أنزل إليهم من ربهم : لا سيما القرآن الكريم، وعملوا بما فيها على خير وجه وأتمه لبسط اللّه الرزق لهم وأنزل عليهم الخير والتوفيق وأكلوا من كل جهة وجانب.
وفي هذا إشارة إلى أن العمل الصالح من الإيمان الكامل مدعاة لرضا الرب وسعة الرزق، والسعادة في الدنيا والآخرة مع سلوك الطرق المعروفة والنظم المألوفة في عالم الاقتصاد!


الصفحة التالية
Icon