ج ١، ص : ٥٤٢
وأما أمه فهي الصديقة الطاهرة نفخ اللّه فيها من روحه وصدقت بكلمات ربها فكانت من القانتين.
وأما حقيقتها الشخصية والنوعية فمساوية لسائر البشر بدليل أنهما يأكلان الطعام ليقيما به أودهما، ومرت بهما ظروف خاصة وعامة كغيرهما، وهما يذهبان إلى الخلاء ليقضيا حاجتهما فهل يكون أمثال هذين آلهة تعبد ؟ !! انظر يا من يتأتى منك النظر! كيف نبين لهم الآيات، ثم بعد هذا يغالون في البعد عن المنطق السليم، وكيف يصرفون عن استبانة الحق كأن عقولهم فقدت - بسبب التقاليد - وظيفتها ؟ !!
خلاصة نظرية القرآن في المسيح
تعرض القرآن الكريم إلى المسيح عيسى ابن مريم وقد غالى فيه أهل الكتاب، فاليهود ينكرون نبوته ويفترون عليه الكذب، ويقولون عليه وعلى أمه البهتان.
والمسيحيون يغالون في رفع عيسى عن البشر، فتارة يجعلونه إلها، أو الآلهة ثلاثة والمسيح بن مريم واحد منهم، وتارة يقولون : هو ابن اللّه.
فقال القرآن القول الحق، والرأى الوسط في عيسى ابن مريم ذلك في الآيات ٧١، ١٧٢ من سورة النساء وقد مر تفسيرهما، وفي آية ١٧ من سورة المائدة والآيات ٧٢، ٧٣، ٧٤، ٧٥، ٧٦ من السورة نفسها (هذه الآيات كلها مفسرة في هذا الجزء).
وخلاصته أن المسيح عيسى ابن مريم نبي من الأنبياء ورسول اللّه إلى بنى إسرائيل، وقد خلق بكلمة اللّه التكوينية، ومؤيد بروح منه تعالى، وهو عبد اللّه وخاضع له ولن يستنكف من هذا بل ظل يدعو إليه كما في الإنجيل.
وعيسى رسول كبقية الرسل أيد بالمعجزات الموافقة لعصره كأى نبي أرسل، واللّه يخلق ما يشاء وهو على كل شيء قدير.
ولا غرابة في شأن ولادته فهذا آدم وهذه حواء، وهذه أصول الحيوانات جميعا!!! واللّه - سبحانه وتعالى - هو الدائم الباقي القوى القادر، لا راد لقضائه ولا معقب


الصفحة التالية
Icon