ج ١، ص : ٥٦
المعروف عندهم كفروا واستكبروا، وآثروا الحياة الدنيا على الآخرة فلعنة اللّه عليهم أجمعين.
اليهود والمعاصرون للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم يعرفون حقّا أنه النبي المبشر به في التوراة الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ ولكنهم لم يؤمنوا حسدا وبغيا، فقد باعوا حظهم الحقيقي - وهو الإيمان باللّه ورسوله - وأخذوا بدله كفرهم بما أنزل اللّه، وما دفعهم إلى ذلك إلا الحسد والبغي، فهم قد رجعوا بغضب من اللّه جديد، لكفرهم بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأنه اللّه أنزل عليه الكتاب من فضله، وكانوا لجهلهم يدعون أنهم أحق، وباءوا بغضب على غضب سابق لكفرهم بالأنبياء قديما ولهم عذاب مهين.
وإذا قيل لهم : آمنوا بالقرآن قالوا : لا نؤمن به إنما نؤمن بالذي أنزل علينا في التوراة ونكفر بغيره، فيرد اللّه عليهم : إن القرآن هو الحق من عند اللّه المصدق للتوراة التي معكم لأنهما من عند اللّه فكيف تكفرون ببعض الكتب وتؤمنون ببعضها ؟ والكل من عند اللّه، على أنكم لم تؤمنوا بالتوراة ففيها القتل محرم، وقد قتلتم الأنبياء بغير حق فلم قتلتموهم إن كنتم بالتوراة مؤمنين ؟ فالحق أنكم لم تؤمنوا بأى كتاب أنزل فلا طمع في إيمانكم بالقرآن.
كذبهم في ادعائهم الإيمان بالتوراة [سورة البقرة (٢) : الآيات ٩٢ الى ٩٣]
وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٩٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣)
المفردات :
بِالْبَيِّناتِ : المعجزات كالعصا وفلق البحر. أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ :
خالط حب العجل قلوبهم وصب فيها كما يخالط الصبغ الثوب والشراب الجسد.


الصفحة التالية
Icon