ج ١، ص : ٦١٢
وأبصاركم، وختم على قلوبكم، إذ هو الذي وهب لكم السمع والبصر والفؤاد، وإذا سلبها منكم عدتم صما وعميا لا تسمعون قولا، ولا تبصرون طريقا، ولا تعقلون نفعا ولا ضرّا ولا حقّا ولا باطلا، ماذا تفعلون مع آلهتكم التي تدعونهم وترجون شفاعتهم لو فعل اللّه بكم ذلك ؟ من إله غير اللّه يأتيكم بهذا ؟ لا إله إلا اللّه وحده فهو الذي يقدر على ذلك، ولو كان ما اتخذتموه آلهة تنفع أو تضر لردت عليكم هذا، وإن كنتم تعلمون بلا شك أنها لا تقدر على شيء أصلا بل إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه.
فلما ذا تدعونهم ؟ والدعاء عبادة والعبادة لا تكون إلا للّه الواحد القهار، واهب الوجود، الحق المعبود، سبحانه وتعالى!! انظر يا من يتأتى منه النظر كيف يصرف اللّه القول ويكرره بألوان مختلفة، وعلى أساليب متعددة في غاية الوضوح والبيان، ثم هم بعد ذلك يعرضون ويصدفون عن النظر إليها بعين بريئة خالية من حجب التقليد، وغطاء العصبية وداء الحسد.
قل لهم : أخبرونى إن أتاكم العذاب من اللّه كما أتى لمن قبلكم من المكذبين الضالين، عذاب الخسف والاستئصال والهلاك، أتاكم هذا العذاب بغتة بلا مقدمات، أو أتاكم العذاب جهرة وعيانا بمقدماته وأنتم تنظرونه.
أخبرونى ماذا أنتم فاعلون ؟ هل يهلك بهذا إلا القوم الظالمون الذين ظلموا أنفسهم بسلوكهم طريق الشرك والباطل! وما نرسل المرسلين إلا مبشرين من آمن بالثواب، ومنذرين من عصى بصارم العذاب ولا عليهم شيء بعد هذا أبدا، سواء عليهم آمن الناس أم كفروا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ « ١ » أما اللّه - سبحانه وتعالى - فهو المجازى.
فمن آمن وأصلح نفسه فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ « ٢ ».
ومن كذب وتولى، فإنه يمسه العذاب جزاء كفره وفساده.
وإن أصابه خير في الدنيا فمتاع قليل، ثم يضطره اللّه إلى عذاب النار وبئس المصير.

_
(١) سورة الشورى آية ٤٨.
(٢) سورة الأنبياء آية ١٠٣.


الصفحة التالية
Icon