ج ١، ص : ٦١٩
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
وعبادة غير اللّه ضلال وشرك. فإن اتبعتكم فقد ضللت إذا، وما أنا في عداد المهتدين، وفي هذا تعريض بأنهم ليسوا من الهداية في شيء وهم في ضلال مبين.
قل لهم : إنى فيما أخالفكم فيه من عبادة غير اللّه، وفيما أدعوكم إليه من عبادة اللّه على بينة من ربي وحجة واضحة، لا تقبل شكا ولا جدلا ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ فالقرآن هو الحجة البينة والمعجزة الخالدة، والآية الباقية التي تقوم مقام قول اللّه :

« صدق عبدى في كل ما يبلغه عنى » وأما أنتم فلقد كذبتم بالقرآن واتبعتم الشيطان وكفرتم بالرحمن ويا للعجب تكذبون بالقرآن وما دعا إليه، وتدعون إلى اتباع الهوى والضلال والتقليد الأعمى، فبئس ما تصنعون.
وكانوا يشتبهون في القرآن ورسالة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأن اللّه لم ينزل عليهم ما طلبوا فأزال القرآن هذا بقوله للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
قل لهم ما عندي ما تستعجلون به وتطلبونه على عجل من اللّه، ولم أقل لكم إنى أقدر على هذا!! وما الحكم في هذا إلا للّه الواحد القهار، وكل شيء عنده بمقدار، واللّه يقص القصص الحق في وعده ووعيده وهو خير الحاكمين.
قل لهم : لو عندي ما تستعجلون به، ولو أن اللّه أمكننى من إيقاع العذاب بكم، وجعله من قوتي الكسبية لأوقعته عليكم، ولقضى الأمر بيني وبينكم، واللّه قد وعدني النصر، ووعده الحق، وقد تحقق ما وعد.
وهناك
حديث عن أبى هريرة يفيد : أن ملك الجبال ناداه وقال : يا محمد إن اللّه قد سمع قول قومك لك وقد بعثني ربك لك لتأمرنى بأمرك فيما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يؤمن باللّه.
والمخلص في هذا أن الآية دلت على سؤالهم العذاب، وجوابه صلّى اللّه عليه وسلّم والحديث ليس فيه سؤال بل عرض عليه ملك الجبال فلهذا استأنى بهم وترفق عليهم، واللّه أعلم بالظالمين كيف يعاقبهم ؟ ومتى يعاقبهم، وعلى أي صورة يكون جزاؤهم ؟ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ. [سورة الأعراف آية ٣٤].


الصفحة التالية
Icon