ج ١، ص : ٦٣٧
المعنى :
كان إبراهيم - عليه السلام - أمّة، وكان من القانتين، وهو من أولى العزم وهو أبو الأنبياء، فما من نبي بعد إلا وهو من سلالته وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ [سورة الحديد آية ٢٦].
ووهبنا له على كبر منه، وعقم امرأته ويأس، إسحاق فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ جزاء إيمانه الكامل، وإحسانه الشامل، ونجاحه في ابتلاء اللّه له بذبح ولده إسماعيل.
فإبراهيم من شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء فهو من سلالة نوح وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وهدينا من ذريته داود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، فهي ذرية طيبة ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وإبراهيم واسطة العقد جده نوح وأولاده الأنبياء، وكذلك نجزى المحسنين.
وهدينا من ذريته كذلك زكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياس وكل من الصالحين، وهدينا من ذريته إسماعيل ابنه لصلبه وجد المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم إسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على عالمي زمانهم.
وهدينا بعض آبائهم وذرياتهم وإخوانهم، إذ لم يكن الكل مهديا إلى الخير وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ.
ولقد اجتبيناهم واخترناهم وخصصناهم بمزايا كثيرة، وهديناهم صراطا مستقيما، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء من عباده، واللّه واسع عليم، ولو أشركوا باللّه شيئا لكان جزاؤهم أن تحبط أعمالهم إذ توحيد اللّه - سبحانه وتعالى - هو المزكى للنفوس، والمطهر للأرواح. وهو أساس الثواب، ومناط الأجر فإذا انهار الأساس فلا يبقى معه ثواب للعمل أصلا وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [سورة الزمر آية ٦٥].
أولئك المذكورون جميعا ينهلون من معين واحد، ولهم رسالة واحدة هي إرساء


الصفحة التالية
Icon