ج ١، ص : ٦٤٧
يشركون!! فقد قالت اليهود : عزيز ابن اللّه، والنصارى قالوا : المسيح ابن اللّه، وقال المشركون من العرب : الملائكة بنات اللّه.
كيف يكون ذلك! واللّه مبدع السموات والأرض وما فيهن، فهو الخالق البارئ المصور كيف يكون له ولد ؟ ولم تكن له صاحبة، والولد لا بد فيه من تزاوج وتناكح، وهل يعقل أن تكون له صاحبة تجانسه وتشاكله، وهو المنزه عن المثيل والشريك : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ « ١ ». وكيف يكون له ولد! وقد أقر الكل بأنه خلق السموات والأرض، أفيكون في حاجة إلى ولد ؟ وله كل شي ء!! ؟ سبحانه وتعالى ذلكم اللّه ربكم، لا إله إلا هو، خالق كل شيء، فاعبدوه وحده، فهو الموصوف بكل كمال، المنزه عن كل نقص، الخالق البارئ فاطر السموات والأرض ومبدعها وهو على كل شيء قدير.
واللّه سبحانه لا تدركه الأبصار، ولا تراه رؤية إحاطة وشمول حتى تعرف كنهه وتحيط به : يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ « ٢ ».
والآية الكريمة لا تنفى الرؤية التي وردت بها الأحاديث الصحيحة.
واللّه يدرك الأبصار، يراها ويدركها ويقف على حقيقتها وكنهها، وإلى هنا لم يعرف أحد حقيقة الضوء أو حقيقة البصر ولما ذا لم تر الأذن ؟ ولم تسمع العين ولما ذا كان عصب العين ينقل إشارة الرؤية وعصب السمع ينقل إشارة السمع ولكن اللّه وحده هو الذي يدرك الأبصار ويعلمها وهو اللطيف بذاته الخبير بدقائق خلقه وخفاياهم.
حقائق تتعلق بالرسالة [سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٧]
قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)

_
(١) سورة الشورى آية ١١.
(٢) سورة البقرة آية ٢٥٥.


الصفحة التالية
Icon