ج ١، ص : ٦٥٤
إلى حد لا يحتاج معه إلى شيء خارج عنه، والمراد هنا أن كلمة اللّه وافية في الإعجاز والدلالة على صدق الرسول. لا مُبَدِّلَ : لا مغيّر.
المعنى :
ما لكم تطلبون آيات دالة على صدقى، وتحكمون بها على أنى رسول اللّه ؟
وتقسمون أنها لو نزلت لآمنتم.
عجبا! أضللت فأبتغى غير اللّه حكما بيننا ؟ ! وليس لي أن أتعدى حكم اللّه، ولا أن أتجاوزه، إذ هو الحكم العدل، وهو الذي أنزل إليكم القرآن كتابا مفصلا فيه كل شيء، مبينا لكل حكم، جامعا لكل خير، فيه الهدى والنور، والعلم والعرفان، وهو المعجزة الباقية الدالة على صدق رسالتي لما فيه من الآيات، ولما أعجز جهابذة البلاغة وأرباب البيان، مع التحدي الصارخ لهم... شهد لي بالصدق، وعليكم بالكذب البهتان!! والذين آتيناهم الكتاب من اليهود والنصارى، يعلمون أنه الحق المنزل من عند اللّه مشتملا على النور والهدى، ومتلبسا بالحق والعلم إذ هو من جنس الوحى الذي نزل عليهم، وقد جاء في كتبهم البشارة بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وصفته فهم أدرى الناس به : الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ « ١ » وقد اعترف بذلك من أنار اللّه بصيرته منهم واهتدى.
والخلاصة أنكم تتحكمون في طلب المعجزات والآيات الدالة على صدق الرسول.
وقد حصل ذلك بوجهين :
(أ) القرآن وهو المعجزة الباقية القائمة مقام قوله تعالى :« صدق عبدى في كل ما يبلغه عنى ».
(ب) معرفة أهل الكتاب وشهاداتهم للنبي محمد بالصدق.
وإذا كان هذا حاصلا فلا تكونن من الشاكّين، وهذا لون من ألوان التهييج والإلهاب كقوله : فلا تكونن من المشركين.
(١) سورة البقرة آية ١٤٦.