ج ١، ص : ٦٦٩
وثالثة الأثافى أنهم كانوا يمنّونهم بأن قتلهم أولادهم قربى إلى الآلهة كما فعل عبد المطلب حين نذر قتل ابنه عبد اللّه.
وقد سمى اللّه المزينين لهم من شياطين الإنس كالسدنة، أو شياطين الجن سماهم اللّه شركاء، لأنهم أطاعوهم طاعة اللّه مع التبجيل والاحترام، كما فعل أهل الكتاب مع رجال الدين :
اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ « ١ »، زين هؤلاء قتل الأولاد ليردوا المشركين ويهلكوهم بالإغواء. وليخلطوا عليهم أمر دينهم الذي يدعونه وهو دين إسماعيل وملة إبراهيم. والواقع أنه ليس فيه شيء من هذا، ولو شاء اللّه ما فعلوا هذا أبدا، ولكن مشيئة اللّه للناس جميعا أن يكونوا واختيارهم وما جبلوا عليه من اختيار أى الطريقين بدون جبر ولا قهر.
أما أنت يا رسول اللّه فذرهم ولا يهمنك أمرهم ودعهم وما يفترون في حقك وحقنا. فعلى اللّه حسابهم.
ثم ذكر صورة ثالثة من صور الجاهلية المشوهة.
أنهم قسموا أموالهم وأقواتهم إلى ثلاثة أقسام :
(أ) فتارة أنعام وأقوات تكون محبوسة على معبوداتهم وأوثانهم، ويقولون هي محجوزة للآلهة لا يطعمها إلا من نشاء من رجال ونساء، وقولهم هذا بزعمهم وادعائهم الخالي من الحجة والبرهان.
(ب) أنعام حرمت ظهورها، فلا تركب ولا يحمل عليها، وهي البحيرة والسائبة والحامى.
(ج) أنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها عند الذبح بل يهلون بآلهتهم وحدها عند الذبح، وقد قسموا هذا التقسيم مفترين على اللّه كاذبين عليه، واللّه من ذلك برىء قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ « ٢ » ؟ واللّه سيجزيهم الجزاء الذي يستحقونه بما كانوا يفترون.
(١) سورة التوبة آية ٣١.
(٢) سورة يونس آية ٥٩.