ج ١، ص : ٧٠٨
الفقهاء منصوصة، وستر العورة واجب في الصلاة والطواف، وما بعد العورة فستره سنة لا واجب.
وعلى العموم فالزينة تختلف باختلاف الزمان والمكان والشخص والعمل، وهذا الحكم من محاسن الدين الإسلامى التي بها نقل كثيرا من القبائل المتوحشة العريانة إلى حظيرة المدنية والحضارة، على أنه سبب في تقدم الصناعة والتجارة والزراعة.
وكلوا واشربوا ما لذ وطاب من أنواع المآكل والمشارب ولا تسرفوا، بل عليكم بالعدل والتوسط فلا تقتير ولا إسراف، والإسراف يشمل الزيادة في البخل، والزيادة في الإنفاق، وتجاوز الحلال إلى الحرام في المأكل والمشرب إن اللّه لا يحب المسرفين.
روى أحمد والنسائي وابن ماجة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة (كبر وإعجاب بالنفس) ولا سرف، فإن اللّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده »
، فالزينة لا بأس بها بشرط عدم الإسراف وعدم المخيلة.
والإسراف في الأكل والشرب إلى ما فوق الطاقة الجسمية ضرر، وإلى ما فوق الطاقة الاقتصادية خطر، وإلى ما فوق الحدود الشرعية حرام وهلاك.. قل لهم : من حرم زينة اللّه التي أخرجها لعباده ؟ ! فاللّه قد خلق موادها، وهدى إلى تعليمها وطرق صنعها، وغرز حب الزينة والتمتع بالطيب في نفوس البشر.
ألست معى في أن الدين الإسلامى يدعوا إلى الكمال الروحي، والسمو الخلقي، مع العناية بالجسم وبالنفس وما تميل إليه ما دام في حدود الحلال ؟
لم يجعل التقشف ولا الزهد المبالغ فيه أساسا له، وها هو ذا القرآن ينكر على من يحرم على نفسه الزينة، ويقول : هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا ولغيرهم من الناس وإن كانوا هم الأصل : خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [سورة البقرة آية ١٢٩] وفي الآخرة هي خالصة للذين آمنوا.
مثل هذا التفصيل الدقيق الكامل في مسائل تخص الأفراد والأمم في حياتهما الاجتماعية نفصل الآيات الدالة على كمال ديننا وصدق رسولنا وتمام شريعتنا ولكن لقوم يعلمون لا لقوم يجهلون.