ج ١، ص : ٧٢٢
والمعنى : يطلبه من غير فتور. تَضَرُّعاً التضرع : التذلل وإظهار الخضوع.
خُفْيَةً الخفية : ضد العلانية. خَوْفاً : هو توقع الشر والمكروه.
طَمَعاً : هو توقع الخير.
المعنى :
إن ربكم ومالك أمركم، ومتولى شئونكم هو اللّه لا إله إلا هو فاعبدوه وحده واستعينوا به وحده، فهو الذي خلق السموات وعوالمها، وقدرها وأحكم نظامها، وخلق الأرض وجعل فيها رواسى من فوقها، وبارك فيها وقدر أقواتها، كل ذلك في ستة أيام اللّه أعلم بمقدارها وحدودها : إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ « ١ » ولو أراد خلقها في لحظة لخلقها إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ « ٢ » ولكنه ذكر هذه المدة ليعلم العباد التأنى والتثبت في الأمور، وأن خلق السموات والأرض ليس بالشيء الهين : لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ « ٣ ».

وما ورد من أن هذه الأيام الستة هي كأيام الدنيا، وأنه بدئ الخلق يوم الأحد فروايات اللّه أعلم بها، وأنها إسرائيليات إن ربكم أيها الناس جميعا اللّه، الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ودبر أمورها وحده، فيجب عليكم أن تعبدوه وحده.
ثم إنه تعالى قد استوى على عرشه، واستقام أمره واستقر على هيئة اللّه أعلم بها مع البعد عن مشابهة الحوادث في شيء، ولقد سئل مالك - رضى اللّه عنه - في ذلك فقال : الاستواء معلوم، أى : في اللغة، والكيف - أى : كيفية الاستواء - مجهول، والسؤال عن هذا بدعة، وهذا القدر كاف، وهذا رأى الصحابة - رضى اللّه عنهم - ورأى السلف : قبول ما جاء من غير تكيف ولا تشبيه، وترك معرفة حقيقتها إلى اللّه، وأما الخلف فيؤولون ويقولون : استوى على عرشه بعد تكوين خلقه، على معنى أنه يدبر أمره، ويصرف نظامه، على حسب تقديره وحكمته إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ « ٤ ». وإلى رأى السلف أميل، إذ هو رأى الصحابة والتابعين جميعا.
_
(١) سورة الحج آية ٤٧.
(٢) سورة يس آية ٨٢.
(٣) سورة غافر آية ٥٧.
(٤) سورة يونس آية ٣.


الصفحة التالية
Icon