ج ١، ص : ٧٤٠
رد شعيب عليهم في الأمر الثاني المهم فقال : قد افترينا على اللّه كذبا إن عدنا في ملتكم ملة الكفر والضلال، إذ الكافر يختلق على اللّه الكذب حيث يدعى أن له شريكا وولدا بل المرتد أعظم جرما، وأكثر كذبا حيث يوهم غيره أنه رجع بعد معرفة الحقيقة والواقع.
أنعود إلى ديانتكم بعد أن نجانا اللّه منها ؟ إن هذا لشيء عجيب!! ما أعظم كذبنا وكفرنا إن عدنا فيها بعد أن نجى اللّه أصحابى منها وأنا معهم، وما ينبغي أن نعود فيها أبدا، ولا يقدر أحد على تحويلنا إليها في حال من الأحوال إلا في حال مشيئة ربنا إذ هو المتصرف في أمرنا، وهذا رفض أبلغ.
واللّه واسع العلم كثير الفضل، أعلم بخلقه، لا يشاء إلا الخير لهم، هذا اعتقادهم في اللّه، على أنهم قوم مؤمنون حقا لا يهمهم تهديد ولا يخوفهم وعيد، ويقولون : على اللّه وحده توكلنا، وإليه أنبنا وما عداه فشيء لا يعبأ به أبدا، وهذا رفض آخر بالدليل.
ثم دعا عليهم لما يئس منهم فقال : ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق الذي مضت به سنتك في التنازع بين المرسلين والكافرين، بل وبين كل محق ومبطل، وأنت خير الحاكمين عدلا وإحاطة ونزاهة، سبحانك أنت الحكم العدل..
مآل الكافرين [سورة الأعراف (٧) : الآيات ٩٠ الى ٩٥]
وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤)
ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥)


الصفحة التالية
Icon