ج ١، ص : ٧٤٤
العهد : الوصية، وقد يكون بين طرفين كالمعاهدة أو طرف واحد. بأن يعهد إليك بشيء، أو تلتزم به، والميثاق : العهد المؤكد.
المعنى :
هكذا نظام اللّه في الكون، وتلك سنته مع الخلق قديما وحديثا فاعتبروا واتعظوا أيها الناس خاصة أنتم يا زعماء الشرك من العرب، ولو أن أهل القرى التي كذبت رسلها، ولم تؤمن بربها. لو أنهم بدل الكفر آمنوا ومكان العصيان اتقوا لفتح اللّه عليهم أنواع الخير من السماء والأرض كالعلوم والهداية والوحى والإلهام، وكذا المطر والسحاب وسهل عليهم خير الأرض من نبات ومعادن، وخصب وكنوز. والمعنى : أنهم لو آمنوا ليسر اللّه لهم كل خير من كل جانب.
ولكن كذبوا وكفروا فأخذهم اللّه أخذ عزيز مقتدر بما كانوا يكسبون... فعلوا ما فعلوا فأخذهم اللّه بغتة، وعلى غرة منهم، أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا، وينزل بهم عذابنا وهم بائتون ونائمون ؟ !! أو أمن أهل القرى أن يأتيهم العذاب ضحى وهم يلعبون، فإن من يأتى من الأعمال ما لا فائدة فيه فهو لاعب ولاه!!!
والمعنى :
إن أمنتم ضربا منها لم تأمنوا الآخر.
أفأمنوا مكر اللّه ؟ وقد كرر الاستفهام الإنكارى لزيادة التوبيخ، وهو معطوف على قوله : أفأمن أهل القرى، ولذا كان بالفاء، ومكر اللّه عبارة عن جزائه، وأخذه العبد إذا طغى من حيث لا يشعر مع استدراجه والإملاء له، فعلى العاقل ألا يأمن مكر اللّه ولو كانت إحدى رجليه في الجنة، ومعنى الآية : أيأخذهم ربك بغتة في الليل أو الضحى فأمنوا مكر اللّه ؟ ! إن كان الأمر كذلك فقد خسروا أنفسهم فإنه لا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون.
أجهل هؤلاء الناس (خاصة قريشا) الذين يرثون الأرض من بعد أهلها - بعد هذا البيان الكامل - أن سنة اللّه في الخلق لا تتغير ؟ أكان ما ذكر ولم يتبين لهم أن شأننا معهم


الصفحة التالية
Icon