ج ١، ص : ٧٩٩
المعنى :
هذه هي أسس المعاملة الحسنة، ودعائم الخلق الكامل الذي به يرضى الناس عن الإنسان، ورضا الناس من رضا اللّه فألسنة الخلق أقلام الحق، وبهذه الأمور تجتمع القلوب النافرة، والنفوس الهائمة : خذ ما أتى من الناس عفوا، لا تكلفهم بما يشق عليهم ويستعصى من الأفعال بل كن سمحا سهلا
« يسروا ولا تعسروا » حديث شريف.
خذي العفو منى تستديمى مودتي ولا تنطقى في سورتي حين أغضب
وللّه در معاوية يقول :« لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت إن شدوها أرخيتها وإن أرخوها شددتها ».
وأمر بالمعروف الذي تعارف عليه المسلمون من كل ما أمر به الشرع، فالمعروف :
اسم جامع لكل خير من طاعة وإحسان... وأعرض عن الجاهلين، نعم أعرض عن الجاهل الأحمق واجعل كأنك لم تسمع ولم يقل، وعلى العموم لكل صنف من الناس معاملة، ولا تنس قوله تعالى : وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [سورة البقرة آية ٢٣٧].
هذا جوامع الكلم خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وجوامع الخلق، ولقد صدقت السيدة عائشة حيث تقول :« كان خلقه القرآن ».
أما معاملة الشيطان العدو اللدود فإما ينزغنك منه نزغ أو يثر فيك داعية من دواعي الشر كالغضب والشهوة حتى يجعلك ثائرا متأثرا كتأثر الدابة إذا نخست بالمهماز (المنخاز).
فاعلم أن العلاج هو اللجوء إلى اللّه، والتوجه إليه بالقلب، والاستعاذة باللّه من شر الشيطان ووسوسته، والانتقال من هذا الجو وتغييره بقدر الاستطاعة، فاللّه سميع لكل دعاء، عليم بكل قصد ونية، واعلم أن الشيطان أقسم ليغوينهم جميعا إلا العباد المخلصين فإنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
وقد روى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ما معناه :« ما منكم أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن.
قالوا : وأنت يا رسول اللّه ؟ قال : وأنا إلا أن اللّه أعاننى عليه فأسلم »
إن الذين اتقوا اللّه وخافوا منه إذا مسهم طائف من الشيطان، وألمت بهم لمة منه تذكروا اللّه وما أعده