ج ١، ص : ٨٣٤
المعنى :
يا أيها الذين آمنوا باللّه ورسوله، إذا حاربتم جماعة من الكفار، والتقيتم بهم في ميدان الحرب فالواجب عليكم أن تثبتوا في قتالهم وتصمدوا للقائهم، وإياكم والفرار من الزحف، وتوليتهم الأدبار. فالثبات فضيلة، والفرار كبيرة يعاقب الدين عليها وعليكم بذكر اللّه في السراء والضراء وحين البأس، فبذكره تطمئن القلوب، وبدعائه تفكّ الكروب، فهو القريب المجيب دعوة الداعي، لا سيما إذا كان دعاء بالنصر على عدو اللّه، اثبتوا عند اللقاء، واذكروا اللّه كثيرا، رجاء أن تفوزوا بالأجر والثواب، والنصرة على الأعداء... وأطيعوا اللّه في كل ما أمر به ونهى، وكذا رسوله الكريم فمن أطاع الرسول فقد أطاع اللّه، وإياكم والنزاع فإنه مدعاة للفرقة وأساس الهزيمة، وإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم وكثرة اعتراضهم، فالنزاع أداة الهلاك، ومعول الهدم والشقاء، به تذهب الدولة، وتفنى القوة وعليكم بالصبر فهو سلاح المؤمن الذي لا يفل، ولقد قيل : الشجاعة صبر ساعة، وكفى بالصبر شرفا أن اللّه مع الصابرين بالمعونة والتأييد، وإياكم أن تكونوا كأولئك الكفار الذين خرجوا من ديارهم ليحموا عيرهم خرجوا حالة كونهم بطرين طاغين بالنعمة، غير شاكرين إذ قيل لهم :
إن العير نجا فارجعوا، فقال أبو جهل، لا، حتى نقدم بدرا ونشرب الخمور وتضرب القيان علينا بالدفوف، وتسمع العرب بمقدمنا.. كما مر قريبا، وكان مآلهم كما علمت، بدل اللّه شرب الخمر بشرب كأس الموت، وبدل ضرب القيان والغناء بنوح النائحات، وبدل نحر الجزور بنحر الرقاب وهكذا!! لا تكونوا مثلهم بطرين أشرين مرائين الناس صادين عن سبيل اللّه، فهذه من عوامل الهدم والفناء، واعلموا أن اللّه بما يعمل العاملون محيط وسيجازى كلا على عمله.
فهذه هي النصائح التي تكفل النصر للمسلم : الثبات عند اللقاء، وذكر اللّه والالتجاء إليه، وطاعة اللّه وطاعة رسوله وكذا قائد الجيش ورئيس الدولة ما دام يأمر بما يرضى اللّه ورسوله، وعدم النزاع والشقاق، والصبر عند الشدائد، وعدم البطر والرياء والكبر والخيلاء...


الصفحة التالية
Icon