ج ١، ص : ٨٩٥
وبعضهم يريد أن يشوه جمال الإسلام. ويطعن على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيأتى إلى ما يظنه أنه نقطة ضعف كتقسيم الغنائم والصدقات، وقد كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يرى إعطاء المؤلفة قلوبهم كما نص القرآن، فيقولوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم : أعدل واللّه ما هذا بعدل. وهذا كله مما يؤثر عن ضعاف القلوب والإيمان من المسلمين، فيرد اللّه عليهم بقوله : ومنهم من يلمزك في تفريق الصدقات، ويعيب عليك طريقتك فيها، فإن أعطوا منها رضوا واطمأنوا، وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ويتألمون، فليس نقدهم بريئا، ولكن لغرض حقير، ولو أنهم رضوا بما أعطاهم اللّه من الغنائم، وما قسمه لهم رسوله، وقالوا : حسبنا اللّه، وكافينا في كل حال فهو الرزاق ذو القوة المتين، وسيؤتينا اللّه من فضله في المستقبل ورسوله زيادة على ما أعطانا، إنا إلى اللّه راغبون لا نرغب إلى غيره أبدا، فبيده ملكوت السموات والأرض، وهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وهو العليم بخلقه الحكيم في صنعه سبحانه وتعالى...
إلى من تعطى الصدقة الواجبة [سورة التوبة (٩) : آية ٦٠]
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)
من طبيعة الإنسان حب المال، وقد يكون الغنى أشد حبا والطمع فيه شديد، وضعيف الإيمان دائما لا يرضى بما يعطى... وقد كان المنافقون وضعفاء الإيمان لا يرضون بقسمة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ على أن للمال سطوة وشهوة قد تجمح ببعض الأغنياء وأولياء الأمور فيميلون عن طريق الحق في صرف الزكاة، لذلك بيّن اللّه في القرآن مصرف الصدقة الواجبة.
والآية مناسبة لما قبلها، قاضية على أطماعهم، مبينة حقيقة ما صنع الرسول معهم، وأنهم مخطئون في اعتراضهم.


الصفحة التالية
Icon