ج ١، ص : ٩٠٩
ولم يدركوه، وما كرهوا الدين إلا لأن اللّه أغناهم به، هؤلاء المنافقون قد كفروا بعد إسلامهم، وخاضوا في النبي والقرآن، وهموا بالفتك برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد أطلعه اللّه على ذلك وأنبأه بأنهم سينكرون ذلك، وسيحلفون باللّه كذبا ليرضوكم اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً « ١ » واللّه تعالى يكذبهم ويثبت بتأكيد القسم أنهم قالوا كلمة الكفر التي رويت عنهم، ولم تذكر في القرآن لئلا يتعبد المسلمون بتلاوتها، ولذلك اختلف الرواة في إثباتها، فبعضهم يقول : إن شخصا اسمه جلاس بن سويد قال : لئن كان محمد صادقا على إخواننا الذين هم سادتنا وخيارنا لنحن شر من الحمير (يقصد الآيات التي نزلت فيمن تخلف من المنافقين)، وقيل : إنها نزلت في مقالة قالها عبد اللّه بن أبىّ ثم أنكرها، وعلى العموم فالآية صريحة في إثبات ذلك وأمثاله لهم.
وقد كفر المنافقون بعد إسلامهم الظاهر، وروى أن بعضهم هم بقتل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حين منصرفه من غزوة تبوك ثم ردهم اللّه خاسرين وذلك قوله تعالى وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا.
وما أنكر هؤلاء المنافقون من أمر الإسلام وبعثة الرسول - عليه الصلاة والسلام - شيئا يقتضى الكراهة والكفر والهم بالانتقام إلا إغناء اللّه إياهم ورسوله بما يقسمه لهم من الغنائم ويعاملهم كالمسلمين، وهذا تعبير بديع، كقول الشاعر :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
يا عجبا كل العجب ما يكون سببا في الخير يكون سببا في الشر!!! ومع هذا فباب التوبة والرحمة مفتوح، فإن يتوبوا يقبل اللّه منهم، وإن يتولوا يعذبهم اللّه عذابا أليما في الدنيا والآخرة.
وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير، إذ ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، والمنافقون لا ولاية لهم، إذ لا ضمير لهم حتى مع أنفسهم.

_
(١) سورة المنافقون آية ٢. [.....]


الصفحة التالية
Icon