ج ١، ص : ٩١٣
فنزلت الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ يستهزئون بالفقراء احتقارا لما جاءوا به، ويعدونهم من المجانين والحمقى، وقيل : إنهم يلمزون الغنى والفقير، ويسخرون من الجميع سخر اللّه منهم، وجازاهم بعدله على ذلك العمل جزاء وافيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم.
هؤلاء في أعمالهم التي لا تصدر إلا عن قلوب لا تكاد تعرف الإيمان، ولم يدخلها شعاع الإسلام ولن يدخل أبدا، ويقول اللّه فيهم لنبيه - عليه السلام - : سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، لن يغفر اللّه لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة. والمراد :
كثرة الاستغفار لا العدد المحض، فلن يغفر اللّه لهم أبدا.
والظاهر أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يستغفر لهم رجاء أن يتوبوا ويوفقهم اللّه للخير فأمر بعدم الاستغفار لهؤلاء المنافقين المعينين الذين حكى اللّه عنهم هذه الأفعال الخبيثة كالتآمر على الفتك بالنبي والهمّ بقتله، ولمز المتصدقين والعيب عليهم، فهؤلاء هم زعماء المنافقين، ورؤساء الشر الذين لا يرجى منهم خير أبدا ولن يعودوا للحق أبدا، وقد ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولذلك علل اللّه هذا بقوله : ذلك بأنهم كفروا باللّه وبرسوله وداموا على هذا مداومة طمست بصائرهم فلن يروا خيرا أبدا، فلا تستغفر لهم.
واللّه لا يهدى القوم الفاسقين إلى الخير إذ لم يعد لهم استعداد له.
المتخلفون عن الجهاد [سورة التوبة (٩) : الآيات ٨١ الى ٨٢]
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)


الصفحة التالية
Icon