ج ١، ص : ٩١٨
المعنى :
هذه عادة المنافقين، ومن في قلوبهم مرض الشك والنفاق، كلمات أنزلت سورة تدعو الناس ببعض آياتها إلى الإيمان باللّه والجهاد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم استأذنك أولو المقدرة على الجهاد بالمال والنفس، استأذنوك في التخلف، منتحلين شتى الأعذار قائلين، اتركنا مع القاعدين من النساء والصبيان والعجزة، هؤلاء رضوا بأن يكونوا مع المتخلفين الذين فسدت نفوسهم ولم يعد فيها ميل إلى الخير، وطبع على قلوبهم فلم يعد يدخل إليها نور العلم والوعظ، والهداية والنور، حتى كأنها قد ختم عليها، ولا غرابة في ذلك فهم قوم لا يفقهون الخير والرشد حتى يهتدوا إليه.
لكن الرسول والذين آمنوا معه بمقتضى إيمانهم الخالص الراسخ في قلوبهم جاهدوا في سبيل اللّه، وبذلوا النفس والنفيس طيبة قلوبهم مستريحة ضمائرهم، متهللة وجوههم بشرا وسرورا لأنهم وجدوا الفرصة سانحة لاقتناص ثواب الجهاد في سبيل اللّه.
وأولئك البعيدون في درجات الكمال والجلال لهم الخيرات التي لا يعلمها إلا اللّه، في الدنيا كشرف النصر، ومحو الكفر والتمتع بالغنيمة والسيادة في الأرض، وأولئك هم المفلحون السعداء أعد اللّه لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم..
المتخلفون [سورة التوبة (٩) : الآيات ٩٠ الى ٩٢]
وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠) لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ (٩٢)


الصفحة التالية
Icon