ج ٢، ص : ١٠٨
أيقولون افتراه واختلقه من عنده ؟ !! إن يقولون إلا كذبا وزورا، قل لهم يا محمد : إن كان الأمر كما تزعمون فأتوا بعشر سور مثله في البيان والبلاغة والدقة والفصاحة، والإحكام والإتقان في السياسة والاجتماع، والقانون والتشريع، والقصص والأخبار، مفتريات من عند أنفسهم لا تدعون أنها من عند اللّه فإنكم أهل اللسان والبيان، وأنتم العرب الفصحاء، وفيكم الخطباء والشعراء، وقد افتريتم على اللّه كثيرا باتخاذ الآلهة والأنداد والبنات والشفعاء له، وحرمتم السائبة والوصيلة والحامي وغير ذلك من الأنعام والحرث.
وأما أنا فواحد منكم لم يسبق لي شيء من ذلك وقد لبثت فيكم عمرا من قبله لم تجربوا علىّ كذبا على مخلوق فكيف أفترى على اللّه - عز وجل - ؟ ! وإن كنتم تزعمون أن لي أعوانا على ذلك فادعوا من استطعتم من دون اللّه من الشركاء والشفعاء، أو الخطباء والشعراء، أو أهل الكتاب والأحبار ليعينوكم على الإتيان بمثله كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [سورة الكهف آية ٥].
لقد عالج القرآن الكريم هذا الموضوع في عدة سور من القرآن الكريم فمرة تحداهم بالإتيان بمثل القرآن أو بسورة مثله أو بعشر سور مثله كما في هذه الآية، ولقد علل المرحوم « الشيخ رضا » تعليل التحدي بعشر سور بأن هذه الآية في السورة العاشرة (سورة هود).
تحداهم القرآن بذلك فعجزوا، ولم يجدوا من يعاونهم من آلهة وشركاء، ولا من الفصحاء والبلغاء، ولا من أعداء النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب وغيرهم فلما عجزوا قامت الحجة عليهم إلى يوم القيامة، وغيرهم من باب أولى.
فإن لم يستجب لكم من تدعوهم من دون اللّه ليظاهروكم على الإتيان بمثل هذا القرآن، وبدا لكم الأمر ظاهرا للعيان، فاعلموا أيها الناس علما أكيدا أنه إنما أنزل هذا القرآن على النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بعلم اللّه ومبينا لما أراده المولى لعباده من دين قيم، وقانون محكم، وتشريع كامل، وقصص حق لا يمكن أن يعلمه محمد ولا غيره لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا.
واعلموا أنه لا إله إلا هو، ولا معبود بحق سواه.


الصفحة التالية
Icon