ج ٢، ص : ١٢١
فأنتم في ملكوته وتحت قبضته.. ولا ينفعكم نصحى لكم وإخلاصى معكم في شيء أبدا إن أردت ذلك. إن كان اللّه يريد أن يغويكم فلا ينفعكم نصحى أبدا، إذ قبول النصح والانتفاع به يكون للمستعد للخير القابل له. أما إذا فسدت النفس وران على القلب الحجاب فلن يرى النور ولن ينتفع به، ومعنى إغواء اللّه على إرادته أن يكونوا من الغاوين لا خلق هذه الغواية فيهم، وفسر ابن جرير الطبري الغواية بالهلاك فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [سورة مريم آية ٥٩].
إن كان اللّه يريد أن يغويكم هو ربكم ومالك أمركم وإليه ترجعون.. أم يقولون افتراه وهذا إضراب انتقالي على معنى بل أيقولون افتراه واختلقه ؟ قل لهم : إن افتريته فعلىّ وحدى ذنب جرمي. قال بعضهم : إن هذه الآية معترضة في قصة نوح وهي من قول مشركي مكة وهذا رد محمد صلّى اللّه عليه وسلّم عليهم.
وقيل هذا من كلام نوح، ومن رد نوح عليهم.. وهذا يشبه قوله : وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. [يونس ٤١].
يأس نوح منهم وصنعه السفينة [سورة هود (١١) : الآيات ٣٦ الى ٤١]
وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (٣٨) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٩) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠)
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١)