ج ٢، ص : ١٣٠
قالوا إنا لنراك في سفاهة، وضعف عقل وخروج عن جادة الصواب وإنا لنظنك من الكاذبين قال هود : ليس بي سفاهة وكيف أكون ذلك وأنا رسول رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين.
اشتد الأمر بعد ذلك، وقالوا : يا هود ما جئتنا بحجة قوية تدل على أنك رسول من اللّه، وما نحن بتاركي آلهتنا صادرين عن قولك من تلقاء نفسك، وما نحن لك بمؤمنين ومصدقين برسالتك.
إن نقول إلا أصابك بعض آلهتنا بسوء حين تعرضت لهم وإنك اليوم مصاب بخبل في العقل وجنون في الرأى.
قال هود : أشهد اللّه أنى بلغت ما كلفت به، واشهدوا أنى برىء مما تشركون به، وإذا كان الأمر كذلك وأن آلهتكم لها قدرة على عمل، فأجمعوا أمركم واجمعوا شركاءكم ثم كيدوني جميعا، ولا تمهلون، إنى توكلت على اللّه ربي وربكم ووكلت له أمر حفظي، وهو على كل شيء قدير.
ما من دابة في الأرض أو السماء إلا هو آخذ بناصيتها، ومصرف أمرها ومسخرها إلى أجل مسمى، إذ له ملك السموات والأرض، إن ربي على صراط مستقيم هو طريق الحق والعدل فإن تتولوا بعد هذا، ولم تطيعوا أمرى فقد بلغت ما أرسلت به إليكم وأبرأت ذمتي من اللّه وسيستخلف ربي قوما غيركم، ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ، وقائم ورقيب.. وهذه هي النهاية.
ولما جاء وقت أمرنا، ونزول عذابنا، نجينا هودا ومن معه من المؤمنين برحمة خاصة بهم لا تتعداهم إلى غيرهم، نجيناهم من عذاب غليظ فظيع إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [سورة القمر الآيتان ١٩ - ٢٠] فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ [سورة الحاقة الآيتان ٧ و٨].
وتلك عاد جحدوا آيات ربهم وعصوا رسله أى : جنس الرسول وجنس الآيات الصادقة بآياته ورسوله وهم قد اتبعوا أمر كل جبار يجبر غيره على اتباع رأيه وهم الأشراف العنيدون الذين لا يخضعون للحق.


الصفحة التالية
Icon