ج ٢، ص : ١٥٩
المعنى :
تلك آيات هذه السورة هي آيات الكتاب المبين الظاهر الذي أوضح المعنى وبين المقصود من القصة بأجلى بيان، ولعله وصفه هنا بالبيان لهذا، وفي سورة يونس لما تعرضت لبيان التوحيد والبعث والجزاء ورسالة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وللتحدى بالقرآن إلى آخر ما مضى ناسب بدؤها بقوله : تلك آيات الكتاب الحكيم واللّه أعلم بكلامه.
إنا أنزلنا هذا الكتاب حالة كونه يقرأ بلغتكم يا معشر العرب ويبين لكم كل شيء، ويجمع لكم كل خبر بلسان عربي مبين ظاهر، يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من قصص وأخبار، وحكم وحكمة، وسياسة واجتماع، ودين ودولة كل هذا بلغتكم رجاء أن تقفوا على تلك المعاني، وهذه الأغراض التي تخرج فردا مسلما وأسرة مسلمة ومجتمعا نظيفا مسلما وحكومة إسلامية قوية.
نحن نقص عليك أيها الرسول أحسن القصص والحديث بيانا وأسلوبا وإحاطة وكمالا من كل ناحية، وأحسن ما يقص ويتحدث عنه في الموضوع والغاية، فالقرآن كامل في قصصه شكلا وموضوعا، نحن نقصه بإيحائنا إليك هذه السورة من القرآن إذ جاءت فيها قصة يوسف كاملة تامة مفصلة مع اشتمالها على ما يوضح العقيدة ويثبتها ويبين أثرها في حياة الفرد والجماعة.
وإن كنت يا محمد من قبل هذا لمن الغافلين شأنك شأن قومك لا يعرفون من أخبار الماضين وغيرهم شيئا.
يوسف في دور الطفولة مع أبيه وقد رأى الرؤيا [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤ الى ٦]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)


الصفحة التالية
Icon