ج ٢، ص : ١٦١
كالحسد والأنانية حتى يوسوس لصاحبها ويوقعه في الشر، وقد كان الشيطان مع إخوة يوسف على أتم استعداد إذ زين لهم ما عملوه لأخيهم.
قال يعقوب : ومثل ذلك الشأن الرفيع والمكانة العالية التي تشير إليها رؤياك يجتبيك ربك لنفسه، ويصطفيك على آلك فتكون من المخلصين، ويعلمك من تأويل الرؤيا، وتعبيرها صادقا، ويتم نعمته عليك بالنبوة والرسالة، والملك والرياسة، ويتمها بسببك على آل يعقوب حيث تكون حلقة النبوة وسلسلة الرسالة فيك كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم جد أبيه، وإسحاق جده والعرب تسمى الجد أبا « أنا ابن عبد المطلب » ألست معى في أن يعقوب فهم من رؤيا يوسف فهما دقيقا نتج عنه أن حذره من إخوته، وبشر بتلك البشارات.
إن ربك عليم بخلقه، يجعل رسالته عند من فيه استعداد لتحمل أعبائها، حكيم في كل أفعاله.
الرؤيا والحلم ما يراه النائم في نومه، وقد تكون من استشراف الروح وصفائها فهي ترمز لذلك برموز يعرفها بعض الناس الذين يدرسون تفسير الرؤيا وتعبير الأحلام، وهي تعبر غالبا عما تتطلبه النفس وما تميل إليه، وللعقل الباطن فيها أثر فعال ولعلماء الغرب تفسيرات وأبحاث يحسن الوقوف عليها.
وقد تنشأ الأحلام من تخمة في الأكل وضغط على القلب فيرى النائم المزعجات والأحلام المختلطة التي لا ترمز إلى شيء وهذه هي أضغاث الأحلام.
والرؤيا الصالحة جزء من النبوة، ونوع من الإخبار بالغيب إن جاز هذا التعبير.
يوسف وإخوته وما كان منهم [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٧ الى ١٨]
لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠) قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١)
أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦)
قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨)