ج ٢، ص : ١٧٠
المرأة عن نفسها، وراودته عن نفسه، والمراودة أن تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريد وعليه قوله : سنراود عنه أباه أى : نحتال عليه ونخدعه عن إرادته ليرسل أخانا معنا، والمراد في الآيات تحايلت لمواقعته إياها ولم تجد منه قبولا غَلَّقَتِ أحكمت إغلاق الأبواب كلها هَيْتَ لَكَ هلم أقبل وبادر لما أقوله لك بُرْهانَ المراد تذكر اللّه - سبحانه وتعالى -، وما بيّنه من تحريم الزنى والخيانة ومراقبة اللّه - سبحانه - في كل عمله، وهي مرتبة الإحسان في العمل كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك الْمُخْلَصِينَ الذين أخلصهم ربهم وصفاهم من الشوائب مِنْ قُبُلٍ من قدام مِنْ دُبُرٍ من خلف.
المعنى :
هكذا كانت محنة يوسف في طيها منة عليه، ورب محنة ولكن في طيها منن.. دخل دار العزيز وأراد سيده أن يكون رئيسا للخدم وأن يحسن معاملته أو أن يتخذه ولدا وأمر امرأته بتنفيذ ذلك. وأراد اللّه - سبحانه - فوق ذلك كله أشياء واللّه بالغ أمره، وأرادت امرأة العزيز غير ذلك، أرادت أن يكون يوسف عشيقا لها، وراودته عن نفسه، وطلبت منه ذلك بالحيلة والمكر لتصرفه عن رأيه، راودته عن نفسه لأجل أن يريد منها ما تريد هي منه مخالفا لإرادته هو وإرادة ربه، وأعدت العدة لذلك وغلقت باب مخدعها وأبواب البهو المحيط به لتأمن الطارق والزائر وقالت ليوسف : هلم أقبل ونفذ ما أريده منك!! قال يوسف : أعوذ بالله وحده أن أكون من الجاهلين! يا هذه إن زوجك سيدي وقد أحسن مثواي وأكرم وفادتي واستأمنني على نفسه وبيته فكيف أخونه ؟ !! يا هذه إنه لا يفلح الظالمون أبدا الذين يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصي ومخالفة القانون الإلهى.. ترى يوسف - عليه السلام - أجابها معتزا بالإيمان بالله وبالأمانة لسيده وأنه لا يفلح الظالمون والخائنون، لقد ردها يوسف ردا عنيفا وصادمها في عواطفها في وقت هي فيه ثائرة ثورة جنسية عاصفة وهي سيدته وهو خادمها إنه شيء يخرج الشخص عن صوابه.
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ.
وللعلماء في هذا الموضوع آراء واتجاهات كثيرة يجمل بنا أن نذكر الأقرب إلى