ج ٢، ص : ٢٠٣
ويعتمد عليه، ويصبر فهو حسبه وكافيه من كل مكروه، ولا غرابة فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين، قالوا إحقاقا للحق، وإزهاقا للباطل : لقد آثرك اللّه علينا، وفضلك ووفقك، وعلمك ما لم تكن تعلم، ولا حرج على فضل اللّه وأما نحن فما كنا إلا خاطئين معتدين، لا عذر لنا أبدا.
ماذا قال يوسف إزاء هذا الإقرار بالذنب ؟ قال : يا إخوتى لا تثريب عليكم ولا لوم فقد صفحت عن زلتكم. وأسأل اللّه أن يغفر اليوم لكم، وهو أرحم الراحمين.
يقول البعض كيف جاز ليوسف وقد عرفهم أن يكتم أمرهم سنتين مع علمه بحزن أبيه وألمه.
والجواب عن ذلك أنه يسير تبعا لوحى اللّه، فلما أمره نفذ، ويمكن أن يقال كتم الأمر ليصادفوا شدة وألما وليكون لقيا أبيه بعد فقده هو وأخيه أوقع في نفسه وأكثر أثرا واللّه أعلم. ثم قال يوسف :
يا إخوتى اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبى ليعلم علما موافقا للواقع أنى حي وأن اللّه تولاني بالعناية والرعاية كما كان يأمل ويفهم من الرؤيا، وألقوه على وجهه يأت بصيرا، ويرتد إليه بصره إذ قد ضعف أو فقد لكثرة البكاء فإذا فرح واستبشر رجع له بصره كما كان، ولا حرج على فضل اللّه.
وأتونى بأهليكم جميعا لتفسر الرؤيا في الواقع.
يعقوب وقد جاءه البشير [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٤ الى ٩٨]
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨)


الصفحة التالية
Icon