ج ٢، ص : ٢١٣
المفردات :
المر تقرأ هكذا : ألف. لام. ميم. را، وفيها ما في أخواتها عَمَدٍ جمع عماد أو عمود وقرئ عمد بالضم مَدَّ الْأَرْضَ بسطها رَواسِيَ جمع راسية والمراد الجبال لأن الأرض ترسو بها أى : تثبت يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ التغشية إلباس الشيء، والغشاء كالغطاء صِنْوانٌ جمع صنو وهي النخلات أو النخلتان يجمعهن أصل واحد وتتشعب منه رؤوس فتصير نخيلا، وقيل : الصنو المثل وعليه
قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم :« عمّ الرّجل صنو أبيه »
والمراد نخيل متماثلات وغير متماثلات.
المعنى :
تلك الآيات من آيات هذه السورة آيات السورة الكاملة العجيبة الشأن، العظيمة القدر، والذي أنزل إليك من ربك - وهو القرآن كله - هو الحق. لا حق بعده، ولا شك فيه، تنزيل من حكيم حميد، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون بهذا.
وكيف لا يؤمنون بهذا ؟ ! واللّه الذي أنزله هو الذي رفع السماء بلا عمد، وها أنتم أولاء ترونها من غير عمد، نعم رفع اللّه السموات وما فيها من كواكب وأجرام.
وشموس وأقمار بقدرته وعظمته أليس اللّه على كل شيء قدير ؟ ! ثم استوى على العرش وقصد إليه، واستولى عليه، وفي الحقيقة الاستواء والعرش اللّه أعلم بهما، على أن الآية تدل على نفوذ الأمر، وتمام السلطان والتدبير.
وسخر الشمس والقمر، ذللهما لما يريده من دوران وضياء وظهور وإخفاء، كل من الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب السيارة يجرى لأجل مسمى عنده - سبحانه - وهو انتهاء الدنيا وقيام القيامة فكل يجرى في فلك له إلى وقت معلوم وزمن محدود عنده تتبدل الأرض غير الأرض والسموات.
هكذا يدبر اللّه الأمر، ويصرف الكون حسب إرادته وحكمته حالة كونه يفصل الآيات الدالة على كمال قدرته وبالغ حكمته، وتفصيلها ذكرها مفصلة كرفع السماء، ومد الأرض، وتسخير الشمس والقمر، وجريهما إلى أجل مسمى، وغير ذلك مما هو مذكور في القرآن.