ج ٢، ص : ٢٤١
المفردات :
أَطْرافِها جوانبها مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ المعقب الذي يتعقب الشيء فيبطله بالنقد والتجريح.
المعنى :
يريد اللّه - سبحانه وتعالى - تحديد موقف الرسول من مطالب الكفار العنادية التي يطلبونها من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم تطمينا لخاطره وتهدئة لنفسه ووعدا بنصره.. وإن نرينك بعض الذي وعدناهم من العذاب في الدنيا أو توفيناك قبل هذا فاعلم أن عليك شيئا واحدا تؤديه كاملا ألا وهو تبليغ كل ما أنزل إليك من ربك - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته - ولا يهمنك شيء بعد هذا أبدا فاللّه معك وحافظك وعاصمك من الناس، وعلى اللّه وحده حسابهم وجزاؤهم.
أنسوا ولم يروا أن اللّه - سبحانه وتعالى - يأتى إلى أرض الكفر فينقصها شيئا فشيئا وأن أرض الإسلام تتسع شيئا فشيئا حتى دخل الناس في دين اللّه أفواجا وسبح المسلمون وكبروا بحمد اللّه ونعمته.
ولا غرابة في ذلك فاللّه يحكم لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، بل قوله الفصل وأمره إذا أراد شيئا أن يقول له : كن فيكون، وهو سريع الحساب، وقد كنا نفهم في الآية أنها دليل على فرطحة الأرض وأنها ليست تامة الكروية بل هي منبعجة ناقصة الأطراف، ولكن يظهر أن الآية واللّه أعلم نص في المعنى الأول.
وقد مكر الذين من قبلهم من كفار الأمم الماضية بأنبيائهم كعاد وثمود وفرعون وإخوان لوط واستنفدوا جهدهم وطاقتهم في إطفاء نور الحق، أو لم يعلموا أن للّه وحده المكر جميعا، وقد أبى اللّه إلا إتمام نوره ولو كره الكافرون.. واللّه وحده يعلم ما تكسب كل نفس في كل حركة تتحركها، وسيعلم الكفار - يوم لا يغنى عنهم ذلك شيئا - لمن عقبى الدار ؟ !! وفي هذا سلوى للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم حيث يعلم أن ديدن الناس قديما مع إخوانه الرسل وحديثا معه لم يتغير ولم يتبدل، وفي هذا تقوية لعزمه ببيان أن النصر في النهاية له وأن الدائرة على الكفار.


الصفحة التالية
Icon