ج ٢، ص : ٢٥٣
لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ
[سورة الصافات الآيات ١٧١ - ١٧٣] وقال موسى لقومه : اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [سورة الأعراف آية ١٢٨].
ذلك لمن خاف مقامي وخشي حسابي، وخاف وعيدي بتجنب سخطى وغضبى.
واستفتحوا نعم استفتح كل من الأمم والرسل ألا ترى إلى قوله - تعالى - حكاية عن كفار مكة : اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ [سورة الأنفال آية ٣٢] الآية وإن كان هذا يدل على منتهى الحماقة وسوء الرأى، وتأصل العناد واستفتحت الرسل على أممها واستنصرت باللّه.
فقال اللّه : وخاب كل جبار عنيد وهلك كل متكبر يجبر غيره على أخذ رأيه الباطل وهو عنيد، أمامه جهنم وبئس القرار، ويسقى من ماء صديد هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ. وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [سورة ص الآيتان ٥٧ و٥٨] شرابهم في جهنم الصديد الذي يخرج من جوفهم، والحميم الشديد الحرارة والغساق الشديد البرودة وآخر من شكله أزواج، وعبارة القرآن تفيد أن هلاك الجبار قاعدة وقانون.. وهل يشرب شرابه بسهولة ؟
أم يشربه بعسر وألم ؟ فذكر اللّه أنه يتجرعه جرعة بعد جرعة بمنتهى الألم والشدة والقسوة ولا يكاد يسيغه من شدة كراهته له ورداءة طعمه ولونه وريحه وحرارته، وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ [سورة الرعد آية ١٥] وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً [سورة الكهف آية ٢٩].
ويأتيه ألم الموت وشدة نزع الروح من كل مكان في جسمه، وما هو بميت ولكنه الألم والتعب والهم والحزن، ومن وراء ذلك كله عذاب غليظ.
أليس هذا تصويرا لجهنم ومن فيها تصويرا يجعلنا نرسم لها صورة بشعة، صورة مؤلمة حقا وقانا اللّه شرها.
هذا جزاء الكفار، أليس لهم في الدنيا من عمل يخفف عنهم ؟ فقال اللّه ردا : فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا أى : صفتهم العجيبة الغريبة غرابة المثل هي أن أعمالهم كرماداشتدت به الريح، أى : حملته بشدة وسرعة في يوم عاصف، ريحه شديد،


الصفحة التالية
Icon