ج ٢، ص : ٢٥٧
وعدتكم فأخلفتكم، ودعوتكم وما كان لي عليكم من سلطان يلجئكم ويقهركم على اتباعى في الكفر والمعاصي.
لكن دعوتكم إلى الضلال ووسوست لكم، وزينت الباطل فأسرعتم إلى إجابتى فلا تلوموني أبدا ولكن لوموا أنفسكم، فأنتم الذين فعلتم واخترتم واتجهتم ناحية الشر وتركتم ناحية الخير رغم دعاء اللّه لكم وتحذيره الشديد من سلوك سبل الشيطان وما كان منى إلا الوسوسة وزخرف القول وغروره.
يا أتباعى كلنا في الغم والألم والعذاب سواء، ما أنا بمغيثكم مما أنتم فيه من العذاب، وما أنتم بمغيثي مما أنا فيه من العذاب والنكال.
إنى كفرت اليوم بإشراككم إياى من قبل أى في الدنيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [سورة فاطر آية ١٤] وأنه يتبرأ من شرككم ويستنكره!! إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [سورة الممتحنة آية ٤] ومعنى إشراكهم الشيطان مع اللّه طاعتهم له فيما كان يزينه لهم من عبادة الأوثان وغيرها.
إن الظالمين لهم عذاب أليم، وهذه الجملة يحتمل أن تكون من كلام اللّه لهم أو حكاية لكلام إبليس لهم تسجيلا عليهم.
نرى أن الشيطان قصم ظهورهم وقطع قلوبهم بأمور :
١ - كانت مواعيده باطلة، ووعد اللّه هو الحق وقد تركوا الحق واتبعوا الباطل.
٢ - اتبعوا قوله بلا حجة ولا برهان.
٣ - لا لوم لكم وإنما عليكم اللوم.
٤ - قطع أملهم بأنه لا نصر عنده بل هو محتاج إلى من ينصره.
٥ - إنه قد كفر بشركهم له في الدنيا وتبرأ من عملهم.
ذلك جزاء الظالمين أتباع الشياطين.
وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات، واتبعوا الحق من ربهم كفّر عنهم ربهم سيئاتهم وأصلح بالهم، وأدخلهم الجنة عرفها لهم، وهي جنة عالية قطوفها دانية تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها، وكان هذا كله بإذن ربهم وتحيتهم بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين الملائكة : سلام عليكم طبتم فنعم عقبى الصابرين..