ج ٢، ص : ٢٦١
ضرب اللّه المثل للمؤمن يقول كلمة الحق، وللكافر يقول كلمة الباطل والشرك وما يناله كل في الدارين، وهنا ذكر الأسباب الموصلة إلى حسن العاقبة وإلى سوئها.
المعنى :
انظر أيها المخاطب متعجبا إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا، وأحلوا قومهم دار البوار، وجعلوا للّه أندادا ليضلوا عن سبيله.
عجبا لهؤلاء الكفار الذين وصفهم اللّه بثلاث صفات :
١ - بدلوا نعمة اللّه كفرا، إذ شكر النعم الواجب عليهم، وضعوا مكانه الكفر والجحود فكأنهم غيروا الشكر وجعلوا بدله الكفر، وقد كان أهل مكة يسكنون حرم اللّه آمنين وجعلهم قواما عليه - وأكرمهم برسالة النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم من أنفسهم عزيزا عليه عنتهم حريصا عليهم، فكفروا بنعمة اللّه بدل ما لزمهم من الشكر العظيم. ألست معى في أنهم بدلوا شكر نعمة اللّه كفرا ؟ !! ٢ - وأحلوا قومهم الذين شايعوهم واتبعوهم في الكفر والضلال، دار الهلاك والبوار الذي لا هلاك بعده، وهي جهنم التي يصلونها وبئس القرار قرارهم.
٣ - يا عجبا لهؤلاء بدلوا شكر النعمة كفرا، وأحلوا قومهم جهنم، وجعلوا للّه أندادا وشركاء من الأصنام والأوثان لتكون عاقبة أمرهم أنهم يضلون من شايعوهم واتبعوهم..
وما كان لهذه الهنات التي وصفوا بها إلا هذا التهديد البليغ المعبر عنه بقوله : قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ أى : اعملوا ما شئتم، وسيروا كما أنتم سائرون فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ومرجعكم إليها حتما.
وقد سمى اللّه هذا العمل تمتعا لأنهم تلذذوا به. وأحسوا غبطة بعمله، ولأنهم