ج ٢، ص : ٣٢٤
بل والفقير من جلدتكم وعصبتكم يكون معكم سواء في الرزق الذي رزقكم إياه اللّه فكيف تجعلون عبيدي معى سواء ؟ ! وتجعلونهم لي شركاء في الألوهية، وأنتم وخدمكم سواء في البشرية وأنتم تنفقون مما جعلكم خلفاء فيه، ومع هذا ما رضيتم بالتساوي، فكيف تسوون بين الخالق البارئ فاطر السموات والأرض وهذه الأصنام والأوثان ؟ ! أتشركون به فتجحدون نعمته عليكم التي ذكر جزء منها في هذه السورة ؟ ! واللّه جعل لكم من أنفسكم وجنسكم أزواجا لكم تسكنون إليهم، وجعل بينكم مودة ورحمة، وجعل لكم منهم بنين وحفدة.
ورزقكم من الطيبات التي تستطيبونها في الدنيا أعموا ؟ فبالباطل من الشركاء والأصنام يؤمنون به وحده، وبنعمة اللّه البينة السابقة التي لا تعد ولا تحصى هم يجحدون ويكفرون ؟ ! ويعبدون من دون اللّه أشياء لا تملك لهم رزقا أى رزق من السموات والأرض، ولا يستطيعون هذا أبدا، وانظر إلى الجمع بين نفى الملك، ونفى الاستطاعة، وإذا كان الأمر كذلك فلا تضربوا للّه الأمثال والأشباه والنظائر فلله المثل الأعلى، وهو لا يشبه أحدا من خلقه أيا كان، واعلموا أن البحث في كنه ذات للّه إشراك، والوقوف عند ما أجمله اللّه إدراك.
وقد كانوا يقولون، إن الملوك تخدمهم الأكابر، والأكابر تخدمهم العبيد فهؤلاء أصنام نتخذهم قربى وواسطة إلى اللّه العلى الكبير، وهذا خطأ فاحش، وفهم سقيم وقياس الخلق على الخالق.
ليس بينك وبين اللّه حجاب، وليس له وزير ولا حاجب بل هو أقرب إلينا من حبل الوريد، وهو الذي يقول : وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة ١٨٦].
إن اللّه يعلم وأنتم لا تعلمون شيئا فاسمعوا وأطيعوا يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى...


الصفحة التالية
Icon